[تحقيق في تجرد النفس وإعادة المعدوم] قال الفاضل الملي ملا محمد باقر بن محمد تقي في شرحه على الصحيفة الكاملة: أوليته تعالى وآخريته فسرتا بوجوه: الأول: أن يكون المراد الأسبقية بحسب الزمان، وهذا إنما يتم إذا كان الزمان أمرا موهوما كما ذهب إليه المتكلمون، أو بحسب الزمان التقديري كما ذكره الطبرسي في مجمع البيان (1) أي:
لو فرضنا وقدرنا قبل حدوث الزمان زمانا آخر كان الواجب تعالى أسبق وأقدم، إذ لو قيل بزمان موجود قديم يلزم إثبات قديم سوى الواجب وهو خلاف ما ذهب إليه المليون (2) من المسلمين وغيرهم، والأخبار المتواترة من طرق العامة والخاصة، بل هو من ضروريات الدين وجاحده كافر. وعلى هذا فالمراد بالآخرية أنه الموجود بعد الأشياء بأحد المعنيين، وهذا يدل على أنه تعالى يفني الأشياء جميعا ثم يوجدها كما يدل عليه صريح كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) في بعض خطب نهج البلاغة (3) فلا عبرة بما يقال من امتناع إعادة المعدوم، فإن دلائلهم مدخولة ضعيفة لا تعارض النصوص الجلية الواضحة (4).
أقول: وفيه نظر، أما أولا: فلأن هذا الكلام من ذلك العلام: إما مبني على أنه لا يقول بتجرد النفس ومغايرتها للبدن، فمثله عن مثله بعيد، كيف لا وتجردها مما لا ينبغي أن يشك فيه عاقل، لكونه مما قد قامت عليه البراهين وأشارت إليه الكتب السماوية وشهدت له الأخبار النبوية، وقد ذكرنا طرفا صالحا منها في هداية الفؤاد (5). أو على أنه يقول بتجردها ولكنه يقول: إنها تفنى بفناء البدن، وهو أيضا منه بعيد بل أبعد، لأن كل من قال بتجردها ومغايرتها للبدن قال ببقائها
صفحه ۷۳