قسرية لا إرادية كما زعمه الفلاسفة وشيعتهم، وإلى هذا أشار السيد السند بقوله:
فإنها مسخرة مدبرة، ويؤيده ظاهر قوله تعالى: * (وسخر لكم الشمس والقمر دائبين) * (1).
فإن قلت: إسناد الدؤوب وهو الجد والتعب إليهما يشعر بكونهما ذوي حياة وإدراك.
قلت: هذا الإسناد وأمثاله كالنداء والوصف بالطاعة والتردد في المنازل والتصرف في الفلك وما شابه ذلك، كما وقع في قوله (عليه السلام): " أيها الخلق المطيع الدائب السريع، المتردد في منازل التقدير، المتصرف في فلك التدبير " (2) إسناد مجازي، كما في قوله:
فيا منزلي سلمى سلام عليكما * ثلاثة أثافي والديار البلاقع وفي قول آخر:
امتلأ الحوض وقال قطني * مهلا رويدا قد ملأت بطني وفي قول آخر:
وقالت له العينان سمعا وطاعة * وصدرتا كالدر لما تثقب وفي قوله تعالى: * (فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين) * (3) وكثيرا ما يقال: جوارحي تشهد بنعمك.
والأظهر أن الدؤوب هنا بمعنى الدوام، وبه فسر " دائبين " في مجمع البيان بقوله: دائبين في صلاح الخلق والنبات ومنافعهم (4)، وفي بعض حواشي الكفعمي:
الدائب: الدائم والواصب والسرمد واللازم واللابث نظائر.
ومخالفة ما ذكرناه لقوانين الحكمة الفلسفية غير مضرة، لأنها نظريات لم تثبت ببرهان، فالقول بها وهمي شعري لا يعارض ظواهر النصوص الجلية الشرعية.
صفحه ۵۹