السّنَن الْمُتَعَلّقَة بالأمور الطبيعية ينقضها الله إِذا شَاءَ
وَهَذِه السّنَن كلهَا سنَن تتَعَلَّق بِدِينِهِ وَأمره وَنَهْيه ووعده ووعيده وَلَيْسَت هِيَ السّنَن الْمُتَعَلّقَة بالأمور الطبيعية كسنته فِي الشَّمْس وَالْقَمَر وَالْكَوَاكِب وَغير ذَلِك من الْعَادَات فَإِن هَذِه السّنة ينقضها إِذا شَاءَ بِمَا شاءه من الحكم كَمَا حبس الشَّمْس على يُوشَع وكما شقّ الْقَمَر لمُحَمد ﷺ وكما مَلأ السَّمَاء بِالشُّهُبِ وكما أَحْيَا الْمَوْتَى غير مرّة وكما جعل الْعَصَا حَيَّة وكما أنبع المَاء من الصَّخْرَة بعصا وكما أنبع المَاء من بَين أَصَابِع الرَّسُول ﷺ
وَقد ذكر بعض هَذِه الْآيَات السهروردي فِي الْمَنْقُول فِي الألواح الْعمادِيَّة وَفِي المبدأ والمعاد محتجا بهَا على مَا يَقُوله هُوَ أَمْثَاله من المتفلسفة أَن الْعَالم لم يزل وَلَا يزَال هَكَذَا بِنَاء على أَن هَذِه سنة الرب ﷿ وعادته وَهِي لَا تَبْدِيل لَهَا إِذْ كَانَ عِنْدهم لَيْسَ فَاعِلا بمشيئته واختياره بل مُوجب بِذَاتِهِ
فَيُقَال لَهُم احتجاجكم على هَذَا بِالْقُرْآنِ فِي غَايَة الْفساد فَإِن الْقُرْآن يُصَرح بنقيض مذهبكم فِي جَمِيع الْمَوَاضِع وَقد علم بالإضطرار أَن مَا يَقُولُونَهُ مُخَالف لما جَاءَ بِهِ الرَّسُول ﷺ فاحتجاجكم بِهَذَا أفسد من احتجاج النَّصَارَى على أَن مُحَمَّدًا شهد بِأَن دينهم بعد النّسخ والتبديل حق بآيَات من الْقُرْآن حرفوها عَن موَاضعهَا قد تكلمنا عَلَيْهَا فِي الْجَواب الصَّحِيح لمن بدل
1 / 52