جامع لأحکام قرآن
الجامع لاحكام القرآن
پژوهشگر
أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش
ناشر
دار الكتب المصرية
شماره نسخه
الثانية
سال انتشار
١٣٨٤ هـ - ١٩٦٤ م
محل انتشار
القاهرة
فيما يصل إِلَى مُرَادِ اللَّهِ ﷿ فِي كِتَابِهِ وَهِيَ تَفْتَحُ لَهُ أَحْكَامَ الْقُرْآنِ فَتْحًا، وَقَدْ قَالَ الضَّحَّاكُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:" وَلكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ «١» ". قَالَ: حَقٌّ عَلَى كُلِّ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ أن يكون فقيها. وذكر ابن أبي الجوزي قَالَ: أَتَيْنَا فُضَيْلَ بْنَ عِيَاضٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ وَنَحْنُ جَمَاعَةٌ، فَوَقَفْنَا عَلَى الْبَابِ فَلَمْ يَأْذَنْ لَنَا بِالدُّخُولِ، فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: إِنْ كَانَ خَارِجًا لِشَيْءٍ فَسَيَخْرُجُ لِتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ، فَأَمَرْنَا قَارِئًا فَقَرَأَ فَاطَّلَعَ عَلَيْنَا مِنْ كُوَّةٍ، فَقُلْنَا: السَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، فَقَالَ وَعَلَيْكُمُ السَّلَامُ، فَقُلْنَا: كَيْفَ أَنَتَ يَا أَبَا عَلِيٍّ، وَكَيْفَ حَالُكَ؟ فَقَالَ: أَنَا مِنَ اللَّهِ فِي عَافِيَةٍ وَمِنْكُمْ فِي أَذًى، وَإِنَّ مَا أَنْتُمْ فيه حديث فِي الْإِسْلَامِ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ! مَا هَكَذَا كُنَّا نَطْلُبُ الْعِلْمَ، وَلَكِنَّا كُنَّا نَأْتِي الْمَشْيَخَةَ فَلَا نَرَى أَنْفُسَنَا أَهْلًا لِلْجُلُوسِ مَعَهُمْ، فَنَجْلِسُ دُونَهُمْ وَنَسْتَرِقُ السَّمْعَ، فَإِذَا مَرَّ الْحَدِيثُ سَأَلْنَاهُمْ إِعَادَتَهُ وَقَيَّدْنَاهُ، وَأَنْتُمْ تَطْلُبُونَ الْعِلْمَ بِالْجَهْلِ، وَقَدْ ضَيَّعْتُمْ كِتَابَ اللَّهِ، وَلَوْ طَلَبْتُمْ كِتَابَ اللَّهِ لَوَجَدْتُمْ فِيهِ شِفَاءً لِمَا تُرِيدُونَ، قَالَ: قُلْنَا قَدْ تَعَلَّمْنَا الْقُرْآنَ، قَالَ: إِنَّ فِي تَعَلُّمِكُمُ الْقُرْآنَ شُغْلًا لِأَعْمَارِكُمْ وَأَعْمَارِ أَوْلَادِكُمْ، قُلْنَا: كَيْفَ يَا أَبَا عَلِيٍّ؟ قَالَ: لَنْ تعلموا القرآن حتى تعرف. اإعرابه، ومحكمه من متشابهه، وناسخه من منسوخه، إذا عَرَفْتُمْ ذَلِكَ اسْتَغْنَيْتُمْ عَنْ كَلَامِ فُضَيْلٍ وَابْنِ عُيَيْنَةَ،، ثُمَّ قَالَ: أَعُوذُ بِاللَّهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ. قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ «٢» ". قُلْتُ: فَإِذَا حَصَلَتْ هَذِهِ الْمَرَاتِبُ لِقَارِئِ الْقُرْآنِ كَانَ مَاهِرًا بِالْقُرْآنِ، وَعَالِمًا بِالْفُرْقَانِ، وَهُوَ قَرِيبٌ عَلَى مَنْ قَرَّبَهُ عَلَيْهِ، وَلَا يَنْتَفِعُ بِشَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَا حَتَّى يُخْلِصَ النِّيَّةَ فِيهِ لِلَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ عِنْدَ طَلَبِهِ أَوْ بَعْدَ طَلَبِهِ كَمَا تَقَدَّمَ. فَقَدْ يَبْتَدِئُ الطَّالِبُ لِلْعِلْمِ يُرِيدُ بِهِ الْمُبَاهَاةَ وَالشَّرَفَ فِي الدُّنْيَا، فَلَا يَزَالُ بِهِ فَهْمُ الْعِلْمِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَنَّهُ عَلَى خَطَأٍ فِي اعْتِقَادِهِ فَيَتُوبَ مِنْ ذَلِكَ وَيُخْلِصَ النِّيَّةَ
لِلَّهِ تَعَالَى فَيَنْتَفِعَ بِذَلِكَ وَيَحْسُنَ حَالُهُ. قَالَ الْحَسَنُ: كُنَّا نَطْلُبُ الْعِلْمَ لِلدُّنْيَا فَجَرَّنَا إلى الآخرة. وقاله سفيان الثوري. وقال بْنُ أَبِي ثَابِتٍ: طَلَبْنَا هَذَا الْأَمْرَ وَلَيْسَ لَنَا فِيهِ نِيَّةٌ ثُمَّ جَاءَتِ النِّيَّةُ بَعْدُ.
_________
(١). آية ٧٩ سورة آل عمران.
(٢). ايتا ٥٧، ٥٨ سورة يونس.
1 / 22