224

جامع لأحکام قرآن

الجامع لاحكام القرآن

ویرایشگر

أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش

ناشر

دار الكتب المصرية

ویراست

الثانية

سال انتشار

١٣٨٤ هـ - ١٩٦٤ م

محل انتشار

القاهرة

وَأَرْعَدَ الْقَوْمُ وَأَبْرَقُوا: أَصَابَهُمْ رَعْدٌ وَبَرْقٌ. وَحَكَى أَبُو عُبَيْدَةَ وَأَبُو عَمْرٍو: أَرْعَدَتِ السَّمَاءُ وَأَبْرَقَتْ، وَأَرْعَدَ الرَّجُلُ وَأَبْرَقَ إِذَا تَهَدَّدَ وَأَوْعَدَ، وَأَنْكَرَهُ الْأَصْمَعِيُّ. وَاحْتُجَّ عَلَيْهِ بِقَوْلِ الْكُمَيْتِ:
أَبْرِقْ وَأَرْعِدْ يَا يَزِي ... دُ فَمَا وَعِيدُكَ لِي بِضَائِرْ
فَقَالَ: لَيْسَ الْكُمَيْتُ بِحُجَّةٍ.
فَائِدَةٌ:
رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي سَفْرَةٍ بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَالشَّامِ وَمَعَنَا كَعْبُ الْأَحْبَارِ، قَالَ: فَأَصَابَتْنَا رِيحٌ وَأَصَابَنَا رَعْدٌ وَمَطَرٌ شَدِيدٌ وَبَرْدٌ، وَفَرِقَ النَّاسُ. قَالَ فَقَالَ لِي كَعْبٌ: إِنَّهُ مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ الرَّعْدَ: سُبْحَانَ مَنْ يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ، عُوفِيَ مِمَّا يَكُونُ فِي ذَلِكَ السَّحَابِ وَالْبَرْدِ وَالصَّوَاعِقِ. قَالَ: فَقُلْتُهَا أَنَا وَكَعْبٌ، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا وَاجْتَمَعَ النَّاسُ قُلْتُ لِعُمَرَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، كَأَنَّا كُنَّا فِي غَيْرِ مَا كَانَ فِيهِ النَّاسُ. قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: فَحَدَّثْتُهُ حَدِيثَ كَعْبٍ. قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! أَفَلَا قُلْتُمْ لَنَا فَنَقُولُ كَمَا قُلْتُمْ! فِي رِوَايَةٍ فَإِذَا «١» بَرَدَةٌ قَدْ أَصَابَتْ أَنْفَ عُمَرَ فَأَثَّرَتْ بِهِ. وَسَتَأْتِي هَذِهِ الرِّوَايَةُ فِي سُورَةِ" الرَّعْدِ" «٢» إِنْ شَاءَ اللَّهُ. ذَكَرَ الرِّوَايَتَيْنِ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ الْخَطِيبُ فِي رِوَايَاتِ الصَّحَابَةِ عَنِ التَّابِعِينَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ. وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ إِذَا سَمِعَ الرَّعْدَ وَالصَّوَاعِقَ قَالَ: (اللَّهُمَّ لَا تَقْتُلْنَا بِغَضَبِكَ وَلَا تُهْلِكْنَا بِعَذَابِكَ وَعَافِنَا قَبْلَ ذَلِكَ).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ) جَعْلُهُمْ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ لِئَلَّا يَسْمَعُوا الْقُرْآنَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ وَبِمُحَمَّدٍ ﵇، وَذَلِكَ عِنْدَهُمْ كُفْرٌ وَالْكُفْرُ مَوْتٌ. وَفِي وَاحِدِ الْأَصَابِعِ خَمْسُ لُغَاتٍ: إِصْبَعٌ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْبَاءِ، وَأَصْبِعٌ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْبَاءِ، وَيُقَالُ بِفَتْحِهِمَا جَمِيعًا، وَضَمِّهِمَا جَمِيعًا، وَبِكَسْرِهِمَا جَمِيعًا، وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ. وَكَذَلِكَ الْأُذُنُ وَتُخَفَّفُ وَتُثَقَّلُ وَتُصَغَّرُ، فَيُقَالُ: أُذَيْنَةٌ. وَلَوْ سَمَّيْتَ بِهَا رَجُلًا ثُمَّ صَغَّرْتَهُ قُلْتَ: أُذَيْنٌ، فَلَمْ تُؤَنَّثْ لِزَوَالِ التَّأْنِيثِ عَنْهُ بِالنَّقْلِ إِلَى الْمُذَكَّرِ. فَأَمَّا قَوْلُهُمْ: أُذَيْنَةٌ فِي الِاسْمِ الْعَلَمِ فَإِنَّمَا سُمِّيَ بِهِ مُصَغَّرًا، وَالْجَمْعُ آذَانٌ. وَتَقُولُ: أَذَنْتُهُ إِذَا ضَرَبْتُ أُذُنَهُ. وَرَجُلٌ أُذُنٌ: إِذَا كَانَ يَسْمَعُ كَلَامَ كُلِّ أحد، يستوي فيه الواحد

(١). البرد (بالتحريك): حب الغمام.
(٢). راجع ج ٩ ص ٢٩٥

1 / 218