194

جامع لأحکام قرآن

الجامع لاحكام القرآن

پژوهشگر

أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش

ناشر

دار الكتب المصرية

شماره نسخه

الثانية

سال انتشار

١٣٨٤ هـ - ١٩٦٤ م

محل انتشار

القاهرة

ثُمَّ لَمَّا نَقَلَتِ الْعَرَبُ هَذَا الْمَصْدَرَ لِهَذَا الْعُضْوِ الشَّرِيفِ الْتَزَمَتْ فِيهِ تَفْخِيمَ قَافِهِ، تَفْرِيقًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَصْلِهِ. رَوَى ابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: (مَثَلُ الْقَلْبِ مَثَلُ رِيشَةٍ تُقَلِّبُهَا الرِّيَاحُ بِفَلَاةٍ). وَلِهَذَا الْمَعْنَى كَانَ ﵊ يَقُولُ: (اللَّهُمَّ يَا مُثَبِّتَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قُلُوبَنَا عَلَى طَاعَتِكَ). فَإِذَا كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَقُولُهُ مَعَ عَظِيمِ قَدْرِهِ وَجَلَالِ مَنْصِبِهِ فَنَحْنُ أَوْلَى بِذَلِكَ اقْتِدَاءً بِهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:" وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ" [الأنفال: ٢٤]. وَسَيَأْتِي «١». الْخَامِسَةُ الْجَوَارِحُ وَإِنْ كَانَتْ تَابِعَةً لِلْقَلْبِ فَقَدْ يَتَأَثَّرُ الْقَلْبُ وَإِنْ كَانَ رَئِيسَهَا وَمَلِكَهَا بِأَعْمَالِهَا لِلِارْتِبَاطِ الَّذِي بَيْنَ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ، قَالَ ﷺ: (إِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ فَتُنْكَتُ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ الْكَذْبَةَ فَيَسْوَدُّ قَلْبُهُ) وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: (إِنَّ الرَّجُلَ لَيُصِيبُ الذَّنْبَ فَيَسْوَدُّ قَلْبُهُ فَإِنْ هُوَ تَابَ صُقِلَ قَلْبُهُ). قَالَ: وَهُوَ الرَّيْنُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ فِي قَوْلُهُ:" كَلَّا بَلْ رانَ عَلى «٢» قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ" [المطففين: ١٤]. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الْقَلْبُ كَالْكَفِّ يُقْبَضُ مِنْهُ بِكُلِ ذَنْبٍ إِصْبَعٌ، ثُمَّ يُطْبَعُ. قُلْتُ: وَفِي قَوْلِ مُجَاهِدٍ هَذَا، وَقَوْلِهِ ﵇: (إِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْخَتْمَ يَكُونُ حَقِيقِيًّا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ الْقَلْبَ يُشْبِهُ الصَّنَوْبَرَةَ، وَهُوَ يَعْضُدُ قَوْلَ مُجَاهِدٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَدِيثَيْنِ قَدْ رَأَيْتُ أَحَدَهُمَا وَأَنَا أَنْتَظِرُ الْآخَرَ: حَدَّثَنَا (أَنَّ الْأَمَانَةَ نَزَلَتْ فِي جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ ثُمَّ نَزَلَ الْقُرْآنُ فَعَلِمُوا مِنَ الْقُرْآنِ وَعَلِمُوا مِنَ السُّنَّةِ). ثُمَّ حَدَّثَنَا عَنْ رَفْعِ الْأَمَانَةِ قَالَ: (يَنَامُ الرَّجُلُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ الْأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ فَيَظَلُّ أَثَرُهَا مِثْلَ الْوَكْتِ ثُمَّ يَنَامُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ الْأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ فَيَظَلُّ أَثَرُهَا مِثْلَ الْمَجْلِ كَجَمْرٍ دَحْرَجْتَهُ عَلَى رِجْلِكَ فَنَفِطَ فتراه منتبرا وليس فيه شي ثُمَّ أَخَذَ حَصًى فَدَحْرَجَهُ عَلَى رِجْلِهِ فَيُصْبِحُ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ لَا يَكَادُ أَحَدٌ يُؤَدِّي الْأَمَانَةَ حتى يقال إن

(١). راجع ج ٧ ص ٣٩٠. (٢). راجع ج ١٩ ص ٢٥٧.

1 / 188