جامع لأحکام قرآن
الجامع لاحكام القرآن
پژوهشگر
أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش
ناشر
دار الكتب المصرية
شماره نسخه
الثانية
سال انتشار
١٣٨٤ هـ - ١٩٦٤ م
محل انتشار
القاهرة
يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ:" اللَّهُ أَكْبَرُ" وَهَذَا نَصٌّ صَرِيحٌ وَحَدِيثٌ صَحِيحٌ فِي تَعْيِينِ لَفْظِ التَّكْبِيرِ، قال الشاعر:
رأيت الله أكبر كل شي ... مُحَاوَلَةً وَأَعْظَمُهُ جُنُودًا
ثُمَّ إِنَّهُ يَتَضَمَّنُ الْقِدَمَ، وَلَيْسَ يَتَضَمَّنُهُ كَبِيرٌ وَلَا عَظِيمٌ، فَكَانَ أَبْلَغَ فِي الْمَعْنَى، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إِنَ افْتَتَحَ بِلَا إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ يُجْزِيهِ، وَإِنْ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي لَمْ يُجْزِهِ، وَبِهِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا يُجْزِئُهُ إِذَا كَانَ يُحْسِنُ التَّكْبِيرَ. وكان الحكم ابن عُتَيْبَةَ يَقُولُ: إِذَا ذَكَرَ اللَّهَ مَكَانَ التَّكْبِيرِ أَجْزَأَهُ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَلَا أَعْلَمُهُمْ يَخْتَلِفُونَ أَنَّ مَنْ أَحْسَنَ الْقِرَاءَةَ فَهَلَّلَ وَكَبَّرَ وَلَمْ يَقْرَأْ أَنَّ صَلَاتَهُ فَاسِدَةٌ، فَمَنْ كَانَ هَذَا مَذْهَبُهُ فَاللَّازِمُ لَهُ أَنْ يَقُولَ لَا يُجْزِيهِ مَكَانَ التَّكْبِيرِ غَيْرُهُ، كَمَا لَا يُجْزِئُ مَكَانَ الْقِرَاءَةِ غَيْرُهَا. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يُجْزِئُهُ التَّكْبِيرُ بِالْفَارِسِيَّةِ وَإِنْ كَانَ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَا يُجْزِيهِ لِأَنَّهُ خِلَافُ مَا عَلَيْهِ جَمَاعَاتُ الْمُسْلِمِينَ، وَخِلَافُ مَا عَلَّمَ النَّبِيُّ ﷺ أُمَّتَهُ، وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا وَافَقَهُ عَلَى مَا قَالَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ وَاتَّفَقَتِ الْأُمَّةُ عَلَى وُجُوبِ النِّيَّةِ عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ إِلَّا شَيْئًا رُوِيَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا يَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي آيَةِ الطَّهَارَةِ، وَحَقِيقَتُهَا قَصْدُ التَّقَرُّبِ إِلَى الْآمِرِ بِفِعْلِ مَا أَمَرَ بِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَالْأَصْلُ فِي كُلِّ نِيَّةٍ أَنْ يَكُونَ عَقْدُهَا مَعَ التَّلَبُّسِ بِالْفِعْلِ الْمَنْوِيِّ بِهَا، أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ بِشَرْطِ اسْتِصْحَابِهَا، فَإِنْ تَقَدَّمَتِ النِّيَّةُ وَطَرَأَتْ غَفْلَةٌ فَوَقَعَ التَّلَبُّسُ بِالْعِبَادَةِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لَمْ يُعْتَدَّ بِهَا، كَمَا لَا يُعْتَدُّ بِالنِّيَّةِ إِذَا وَقَعَتْ بَعْدَ التَّلَبُّسِ بِالْفِعْلِ، وَقَدْ رُخِّصَ فِي تَقْدِيمِهَا فِي الصَّوْمِ لِعِظَمِ الْحَرَجِ فِي اقْتِرَانِهَا بِأَوَّلِهِ. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَقَالَ لَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْقَرَوِيُّ بِثَغْرِ عَسْقَلَانَ: سَمِعْتُ إِمَامَ الْحَرَمَيْنِ يَقُولُ: يُحْضِرُ الْإِنْسَانُ عِنْدَ التَّلَبُّسِ بِالصَّلَاةِ النِّيَّةَ، وَيُجَرِّدُ النَّظَرَ فِي الصَّانِعِ وَحُدُوثِ الْعَالَمِ وَالنُّبُوَّاتِ حَتَّى يَنْتَهِيَ نَظَرُهُ إِلَى نِيَّةِ الصَّلَاةِ، قَالَ: وَلَا يَحْتَاجُ ذَلِكَ إِلَى زَمَانٍ طَوِيلٍ، وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي أَوْحَى «١» لحظة، لان
(١). أوحى: أسرع.
1 / 176