171

جامع لأحکام قرآن

الجامع لاحكام القرآن

پژوهشگر

أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش

ناشر

دار الكتب المصرية

شماره نسخه

الثانية

سال انتشار

١٣٨٤ هـ - ١٩٦٤ م

محل انتشار

القاهرة

السَّادِسَةُ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَنْ سَمِعَ الْإِقَامَةَ هَلْ يسرع أولا؟ فَذَهَبَ الْأَكْثَرُ إِلَى أَنَّهُ لَا يُسْرِعُ وَإِنْ خَافَ فَوْتَ الرَّكْعَةِ لِقَوْلِهِ ﵇: (إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا تَأْتُوهَا تَسْعَوْنَ وَأْتُوهَا تَمْشُونَ وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةَ فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا (. رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَعَنْهُ أَيْضًا قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:) إِذَا ثُوِّبَ بِالصَّلَاةِ فَلَا يَسْعَ إليها أحدكم ولكن ليمشي وَعَلَيْهِ السَّكِينَةَ وَالْوَقَارَ صَلِّ مَا أَدْرَكْتَ وَاقْضِ مَا سَبَقَكَ (. وَهَذَا نَصٌّ. وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّهُ إِذَا أَسْرَعَ انْبَهَرَ «١» فَشَوَّشَ عَلَيْهِ دُخُولَهُ فِي الصَّلَاةِ وَقِرَاءَتِهَا وَخُشُوعِهَا. وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفِ مِنْهُمُ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ مَسْعُودٍ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ أَنَّهُ إِذَا خَافَ فَوَاتَهَا أَسْرَعَ. وَقَالَ إِسْحَاقُ: يُسْرِعُ إِذَا خَافَ فَوَاتَ الرَّكْعَةِ، وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ نَحْوُهُ، وَقَالَ: لَا بَأْسَ لِمَنْ كَانَ عَلَى فَرَسٍ أَنْ يُحَرِّكَ الْفَرَسَ، وَتَأَوَّلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَاشِي وَالرَّاكِبِ، لِأَنَّ الرَّاكِبَ لَا يَكَادُ أَنْ يَنْبَهِرَ كَمَا يَنْبَهِرُ الْمَاشِي. قُلْتُ: وَاسْتِعْمَالُ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي كُلِّ حَالٍ أَوْلَى، فَيَمْشِي كَمَا جَاءَ الْحَدِيثُ وَعَلَيْهِ السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ، لِأَنَّهُ فِي صَلَاةٍ وَمُحَالٌ أَنْ يَكُونَ خَبَرُهُ ﷺ عَلَى خِلَافِ ما أخبره، فَكَمَا أَنَّ الدَّاخِلَ فِي الصَّلَاةِ يَلْزَمُ الْوَقَارَ وَالسُّكُونَ كَذَلِكَ الْمَاشِيَ، حَتَّى يَحْصُلَ لَهُ التَّشَبُّهُ بِهِ فَيَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُهُ. وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى صحة هذا ما ذكرناه من السنة، وَمَا خَرَّجَهُ الدَّارِمِيُّ فِي مُسْنَدِهِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنِ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (إِذَا تَوَضَّأْتَ فَعَمِدْتَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَلَا تُشَبِّكَنَّ بَيْنَ أَصَابِعِكَ فَإِنَّكَ فِي صَلَاةٍ). فَمَنَعَ ﷺ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَهُوَ صَحِيحٌ مِمَّا هُوَ أَقَلُّ مِنَ الْإِسْرَاعِ وَجَعَلَهُ كَالْمُصَلِّي، وَهَذِهِ السُّنَنُ تُبَيِّنُ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى:" فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللَّهِ" «٢» وَأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الِاشْتِدَادُ عَلَى الْأَقْدَامِ، وَإِنَّمَا عَنَى الْعَمَلَ وَالْفِعْلَ، هَكَذَا فَسَّرَهُ مَالِكٌ. وهو الصواب في ذلك والله أعلم.

(١). البهر (بالضم): تتابع النفس من الإعياء. (٢). سورة الجمعة آية ٩

1 / 165