166

جامع لأحکام قرآن

الجامع لاحكام القرآن

ویرایشگر

أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش

ناشر

دار الكتب المصرية

شماره نسخه

الثانية

سال انتشار

١٣٨٤ هـ - ١٩٦٤ م

محل انتشار

القاهرة

الْأُولَى قَوْلُهُ تَعَالَى:" فِيهِ" الْهَاءُ فِي" فِيهِ" فِي مَوْضِعِ خَفْضٍ بِفِي، وَفِيهِ خَمْسَةُ أَوْجُهٍ، أَجْوَدُهَا: فِيهِ هُدًى وَيَلِيهِ فِيهُ هُدًى (بِضَمِّ الْهَاءِ بِغَيْرِ وَاوٍ) «١» وَهِيَ قِرَاءَةُ الزُّهْرِيِّ وَسَلَّامٍ أَبِي الْمُنْذِرِ. وَيَلِيهِ فِيهِي هُدًى (بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ) وَهِيَ قِرَاءَةُ ابْنِ كَثِيرٍ. وَيَجُوزُ فِيهُو هُدًى (بِالْوَاوِ). وَيَجُوزُ فِيهْ هُدًى (مُدْغَمًا) وَارْتَفَعَ" هُدىً" عَلَى الِابْتِدَاءِ وَالْخَبَرُ" فِيهِ". وَالْهُدَى فِي كَلَامِ الْعَرَبِ مَعْنَاهُ الرُّشْدُ وَالْبَيَانُ، أَيْ فِيهِ كَشْفٌ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ وَرُشْدٌ وَزِيَادَةُ بَيَانٍ وَهُدًى. الثَّانِيَةُ الْهُدَى هُدَيَانِ: هُدَى دَلَالَةٍ، وَهُوَ الَّذِي تَقْدِرُ عَلَيْهِ الرُّسُلُ وَأَتْبَاعُهُمْ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:" وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ «٢» " [الرعد: ٧]. وقال:" وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ «٣» " [الشورى: ٥٢] فَأَثْبَتَ لَهُمُ الْهُدَى الَّذِي مَعْنَاهُ الدَّلَالَةُ وَالدَّعْوَةُ وَالتَّنْبِيهُ، وَتَفَرَّدَ هُوَ سُبْحَانَهُ بِالْهُدَى الَّذِي مَعْنَاهُ التَّأْيِيدُ وَالتَّوْفِيقُ، فَقَالَ لِنَبِيِّهِ ﷺ:" إِنَّكَ لَا تَهْدِي «٤» مَنْ أَحْبَبْتَ" [القصص: ٥٦] فالهدى على هذا يجئ بِمَعْنَى خَلْقِ الْإِيمَانِ فِي الْقَلْبِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تعالى:" أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ" [البقرة: ٥] وقوله:" وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ" [فاطر: ٨] وَالْهُدَى: الِاهْتِدَاءُ، وَمَعْنَاهُ رَاجِعٌ إِلَى مَعْنَى الْإِرْشَادِ كَيْفَمَا تَصَرَّفَتْ. قَالَ أَبُو الْمَعَالِي: وَقَدْ تَرِدُ الْهِدَايَةُ وَالْمُرَادُ بِهَا إِرْشَادُ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى مَسَالِكِ الْجِنَانِ وَالطُّرُقِ الْمُفْضِيَةِ إِلَيْهَا، مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي صِفَةِ الْمُجَاهِدِينَ:" فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ «٥». سَيَهْدِيهِمْ" [محمد: ٥ ٤] وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:" فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ «٦» " [الصافات: ٢٣] مَعْنَاهُ فَاسْلُكُوهُمْ إِلَيْهَا. الثَّالِثَةُ الْهُدَى لَفْظٌ مُؤَنَّثٌ قَالَ الْفَرَّاءُ: بَعْضُ بَنِي أَسَدٍ تُؤَنِّثُ الْهُدَى فَتَقُولُ: هَذِهِ هُدًى حَسَنَةٌ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ مُذَكَّرٌ، وَلَمْ يُعْرَبْ لِأَنَّهُ مَقْصُورٌ وَالْأَلِفُ لَا تَتَحَرَّكُ، وَيَتَعَدَّى بِحَرْفٍ وَبِغَيْرِ حَرْفٍ وَقَدْ مَضَى فِي" الْفَاتِحَةِ «٧» "، تَقُولُ: هَدَيْتُهُ الطَّرِيقَ وَإِلَى الطَّرِيقِ وَالدَّارَ وَإِلَى الدَّارِ، أَيْ عَرَّفْتُهُ. الْأُولَى لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ، وَالثَّانِيَةُ حَكَاهَا الْأَخْفَشُ. وَفِي التَّنْزِيلِ:" اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ «٨» " وَ" الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا «٩» " [الأعراف: ٤٣] وَقِيلَ: إِنَّ الْهُدَى اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ النَّهَارِ، لِأَنَّ النَّاسَ يَهْتَدُونَ فِيهِ لِمَعَايِشِهِمْ وَجَمِيعِ مَآرِبِهِمْ، ومنه قول ابن مقبل:

(١). أي بعد الهاء من (فيه). [.....]
(٢). راجع ج ٩ ص ٢٨٥.
(٣). راجع ج ١٦ ص ٦٠.
(٤). راجع ج ١٣ ص ٢٩٩.
(٥). راجع ج ١٦ ص ٢٣٠.
(٦). راجع ج ١٥ ص ٧٣.
(٧). راجع ص ١٤٦ من هذا الجزء.
(٨). راجع ص ١٤٦ من هذا الجزء.
(٩). راجع ج ٧ ص ٢٠٨

1 / 160