146

جامع لأحکام قرآن

الجامع لاحكام القرآن

پژوهشگر

أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش

ناشر

دار الكتب المصرية

شماره نسخه

الثانية

سال انتشار

١٣٨٤ هـ - ١٩٦٤ م

محل انتشار

القاهرة

وَقَالَ آخَرُ: «١» فَاقْنَعْ بِمَا قَسَمَ الْمَلِيكُ فَإِنَّمَا ... قَسَمَ الْخَلَائِقَ بَيْنَنَا عَلَّامُهَا الْخَلَائِقُ: الطَّبَائِعُ الَّتِي جُبِلَ الْإِنْسَانُ عَلَيْهَا. وَرُوِيَ عَنْ نَافِعٍ إِشْبَاعُ الْكِسْرَةِ فِي" مَلِكِ" فَيَقْرَأُ" مَلِكِي" عَلَى لُغَةِ مَنْ يُشْبِعُ الْحَرَكَاتِ، وَهِيَ لُغَةٌ لِلْعَرَبِ ذَكَرَهَا المهدوي وغيره. الخامسة عشرة اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ أَيُّمَا أَبْلَغُ: مَلِكٌ أَوْ مَالِكٌ؟ وَالْقِرَاءَتَانِ مَرْوِيَّتَانِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ. ذَكَرَهُمَا التِّرْمِذِيُّ، فَقِيلَ:" مَلِكِ" أَعَمُّ وَأَبْلَغُ مِنْ" مالِكِ" إِذْ كُلُّ مَلِكٍ مَالِكٌ، وَلَيْسَ كُلُّ مَالِكٍ مَلِكًا، وَلِأَنَّ أمر الْمَلِكَ نَافِذٌ عَلَى الْمَالِكِ فِي مُلْكِهِ، حَتَّى لَا يَتَصَرَّفَ إِلَّا عَنْ تَدْبِيرِ الْمَلِكِ، قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَالْمُبَرِّدُ. وَقِيلَ:" مالِكِ" أَبْلَغُ، لِأَنَّهُ يَكُونُ مَالِكًا لِلنَّاسِ وَغَيْرِهِمْ، فَالْمَالِكُ أَبْلَغُ تَصَرُّفًا وَأَعْظَمُ، إِذْ إِلَيْهِ إِجْرَاءُ قَوَانِينِ الشَّرْعِ، ثُمَّ عِنْدَهُ زِيَادَةُ التَّمَلُّكِ. وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ: حَكَى أَبُو بَكْرِ بْنُ السَّرَّاجِ عَنْ بَعْضِ مَنِ اختار القراءة ب" ملك" أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَدْ وَصَفَ نَفْسَهُ بِأَنَّهُ مالك كل شي بقوله:" رَبِّ الْعالَمِينَ" فَلَا فَائِدَةَ فِي قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ" مالِكِ" لِأَنَّهَا تَكْرَارٌ. قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: وَلَا حُجَّةَ فِي هَذَا، لِأَنَّ فِي التَّنْزِيلِ أَشْيَاءٌ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ، تَقَدَّمَ الْعَامُّ ثُمَّ ذُكِرَ الْخَاصُّ كَقَوْلِهِ:" هُوَ اللَّهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ" فَالْخَالِقُ يَعُمُّ. وَذَكَرَ الْمُصَوِّرُ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّنْبِيهِ عَلَى الصَّنْعَةِ وَوُجُودِ الْحِكْمَةِ، وَكَمَا قَالَ تَعَالَى:" وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ" بَعْدَ قَوْلِهِ:" الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ". وَالْغَيْبُ يَعُمُّ الْآخِرَةَ وَغَيْرَهَا، وَلَكِنْ ذَكَرَهَا لِعِظَمِهَا، وَالتَّنْبِيهِ عَلَى وُجُوبِ اعْتِقَادِهَا، وَالرَّدِّ عَلَى الْكَفَرَةِ الْجَاحِدِينَ لَهَا، وَكَمَا قَالَ:" الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ" فَذَكَرَ" الرَّحْمنِ" الَّذِي هُوَ عَامٌّ وَذَكَرَ" الرَّحِيمِ" بَعْدَهُ، لِتَخْصِيصِ الْمُؤْمِنِينَ بِهِ فِي قَوْلِهِ:" وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا". وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: إِنَّ مَالِكًا أَبْلَغُ فِي مَدْحِ الْخَالِقِ مِنْ" مَلِكِ"، وَ" مَلِكِ" أَبْلَغَ فِي مَدْحِ الْمَخْلُوقِينَ مِنْ مَالِكِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمَالِكَ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ قَدْ يَكُونُ غَيْرَ مَلِكٍ وَإِذَا كَانَ اللَّهُ تَعَالَى مَالِكًا كَانَ مَلِكًا، وَاخْتَارَ هَذَا الْقَوْلَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ وَذَكَرَ ثلاثة

(١). هو لبيد بن ربيعة العامري.

1 / 140