140

جامع لطيف

الجامع اللطيف في فضل مكة وأهلها وبناء البيت الشريف‏

ژانرها

الباب السابع فى فضل الحرم وحرمته والمسجد الحرام وزيادة الثواب للعامل فيه على غيره وتضعيفه وذكر شىء من خبر عمارته وتوسعته

قال الله تعالى: أولم نمكن لهم حرما آمنا الآية، وقد تقدم الكلام على أول هذه الآية فى الباب الخامس.

لطيفة: قال النسفى: وإسناد الأمن المذكور إلى أهل الحرم حقيقة وإلى الحرم ومجاز، وقال الله تعالى: أولم يروا يعنى أهل مكة أنا جعلنا حرما آمنا الآية.

(واعلم) أن حرم مكة المذكور هو ما أحاط بها من جوانبه، وقد جعل الله حكمه حكم مكة تشريفا لها، (وفى سبب) كون هذا القدر المخصوص حرما. أقوال: فقيل: إن آدم (عليه السلام) لما أهبط إلى الأرض خاف على نفسه من سكان الأرض، وهم يومئذ الجن والشياطين، فبعث الله ملائكة يحرسونه فوقفوا فى موضع أنصاب الحرم من كل جانب، فصار ما بينه وبين موقف الملائكة حرما، وقيل: إن الحجر الأسود لما وضعه الخليل (عليه السلام) فى الكعبة حين بناها أضاء يمينا وشمالا وشرقا وغربا فحرم الله عز وجل من حيث انتهى النور. وقيل: أهبط الله البيت إلى آدم، وهو من ياقوتة حمراء تلتهب التهابا، وله بابان شرقى وغربى، فأضاء نوره ما بين المشرق والمغرب ففزع لذلك سكان الأرض ورقوا فى الجو ينظرون من أين ذلك النور، فلما رأوه من مكة أقبلوا إليه فأرسل الله حينئذ الملائكة فقاموا فى مكان الأنصاب فمنعتهم، فمن ثم ابتدأ اسم الحرم، وقيل غير ذلك.

(وأول) من نصب أنصاب الحرم إبراهيم الخليل بتوقيف جبريل (عليه السلام)، ثم جددها قصى بن كلاب بعد ذلك. وقيل بل جددها إسماعيل (عليه السلام) بعد أبيه ثم قصى بعده. وقيل: إن أول من نصبها عدنان بن أد حين خاف أن يدرس الحرم ثم نزعتها قريش بعد ذلك والنبى (صلى الله عليه وسلم) إذ ذاك بمكة قبل هجرته فاشتد ذلك عليه، فجاءه جبريل (عليه السلام) وأخبره أنهم سيعيدونها فرأى عدة من قريش فى المنام كأن قائلا يقول: حرم أعزكم

صفحه ۱۵۳