[خطبة الكتاب]
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذى أسبغ على أهل مكة بمجاورة بيته الأمين مواد الفضل والنعمة.
وجعلهم أهله وخاصته فخرا لهم وتنويها بشأنهم لما اقتضته الحكمة. وخص من شاء منهم بباهر العز والجلال ودفع عنه كل بؤس ونقمة. وحباه بمزيد العناية والشرف فصار له جارا وجار الله جدير بوافر الإنعام والحرمة.
أحمده على انتظامى فى هذا السلك، وأشكره على تفضلاته الجمة. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الذى أكرمنا بخير نبى كنا به خير أمة. وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله المبعوث فى هذه البقعة المطهرة لكشف غياهب الشك والظلمة، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه السادة الأئمة، الذين ناصروه وظاهروه على عدوه وقاموا فى مصالحه على همة، صلاة وسلاما دائمين مقرونين بعظيم البركة والرحمة.
أما بعد: فيقول الفقير إلى عفو الله ولطفه الخفى، محمد جار الله بن ظهيرة القرشى المكى الحنفى: اعلم أنه لا يخفى على كل عاقل من ذوى الألباب السليمة، والأفكار الرائقة الحسنة المستقيمة، أن الكعبة الشريفة هى أفضل مساجد الأرض وأنها بيت الله الحرام، وقبلة لجميع الأنام. وأن مكة المشرفة هى البلد الأمين، ومسقط رأس سيد المرسلين. وأهلها هم خاصة الله من البشر. الحائزون نهاية الشرف والفخر والظفر.
والمسجد الحرام فضله لا ينكر. وما طوى من فضائله لم يزل ينشر. والأدلة على ذلك من الكتاب والسنة أكثر من أن تحصى، وأعظم من أن تستقصى، وقد تصدى لتأليف فضائل مكة وأخبارها جمع كثير من فضلاء المتقدمين أجلهم الإمام المتقن أبو الوليد الأزرقى تغمده الله برحمته.
ومن المتأخرين السيد العلامة المحرر القاضى تقى الدين الفاسى المكى بوأه الله دار كرامته، وهو المعول عليه، فإنه (رحمه الله) قد أغرب وأبدع، وأتى فى مؤلفه «شفاء الغرام» ومختصراته بما يشفى وينفع، وأظهر فى ذلك جملا من المحاسن والمفاخر، وإن كان
صفحه ۱۱