جامع البيان في تفسير القرآن
جامع البيان في تفسير القرآن
يريد وسبح أهل المدينة. فاستغنى بمعرفة السامعين خبره بالخبر عن المدينة عن الخبر عن أهلها. ومثله قول عنترة العبسي:
هلا سألت الخيل يا ابنة مال
كإن كنت جاهلة بما لم تعلمي
يريد: هلا سألت أصحاب الخيل؟ ومنه قولهم: يا خيل الله اركبي، يراد: يا أصحاب خيل الله اركبوا. والشواهد على ذلك أكثر من أن يحصيها كتاب، وفيما ذكرنا كفاية لمن وفق لفهمه. فكذلك معنى قول الله جل ثناؤه: { في قلوبهم مرض } إنما يعني في اعتقاد قلوبهم الذي يعتقدونه في الدين والتصديق بمحمد صلى الله عليه وسلم، وبما جاء به من عند الله مرض وسقم. فاجتزأ بدلالة الخبر عن قلوبهم على معناه عن تصريح الخبر عن اعتقادهم. والمرض الذي ذكر الله جل ثناؤه أنه في اعتقاد قلوبهم الذي وصفناه هو شكهم في أمر محمد، وما جاء به من عند الله وتحيرهم فيه، فلا هم به موقنون إيقان إيمان، ولا هم له منكرون إنكار إشراك ولكنهم كما وصفهم الله عز وجل
مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء
[النساء: 143] كما يقال: فلان يمرض في هذا الأمر، أي يضعف العزم ولا يصحح الروية فيه. وبمثل الذي قلنا في تأويل ذلك تظاهر القول في تفسيره من المفسرين ذكر من قال ذلك: حدثنا محمد بن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، عن عكرمة، أو عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: { في قلوبهم مرض } أي شك. وحدثت عن المنجاب، قال: حدثنا بشر بن عمارة، عن أبي روق عن الضحاك، عن ابن عباس، قال: المرض: النفاق. حدثني موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط عن السدي في خبر ذكره عن أبي مالك، وعن أبي صالح، عن ابن عباس، وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: { في قلوبهم مرض } يقول: في قلوبهم شك. حدثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال عبد الرحمن بن زيد في قوله: { في قلوبهم مرض } قال: هذا مرض في الدين وليس مرضا في الأجساد.
قال: هم المنافقون. حدثني المثنى بن إبراهيم قال: حدثنا سويد بن نصر، قال: أخبرنا ابن المبارك قراءة عن سعيد عن قتادة في قوله: { في قلوبهم مرض } قال: في قلوبهم ريبة وشك في أمر الله جل ثناؤه. وحدثت عن عمار بن الحسن، قال: حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بن أنس: { في قلوبهم مرض } قال: هؤلاء أهل النفاق، والمرض الذي في قلوبهم الشك في أمر الله تعالى ذكره. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال عبد الرحمن بن زيد: { ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر } حتى بلغ: { في قلوبهم مرض } قال المرض: الشك الذي دخلهم في الإسلام. القول في تأويل قوله تعالى: { فزادهم الله مرضا }. قد دللنا آنفا على أن تأويل المرض الذي وصف الله جل ثناؤه أنه في قلوب المنافقين: هو الشك في اعتقادات قلوبهم وأديانهم وما هم عليه في أمر محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر نبوته وما جاء به مقيمون. فالمرض الذي أخبر الله جل ثناؤه عنهم أنه زادهم على مرضهم هو نظير ما كان في قلوبهم من الشك والحيرة قبل الزيادة، فزادهم الله بما أحدث من حدوده وفرائضه التي لم يكن فرضها قبل الزيادة التي زادها المنافقين من الشك والحيرة إذ شكوا وارتابوا في الذي أحدث لهم من ذلك إلى المرض والشك الذي كان في قلوبهم في السالف من حدوده وفرائضه التي كان فرضها قبل ذلك، كما زاد المؤمنين به إلى إيمانهم الذي كانوا عليه قبل ذلك بالذي أحدث لهم من الفرائض والحدود إذ آمنوا به، إلى إيمانهم بالسالف من حدوده وفرائضه إيمانا. كالذي قال جل ثناؤه في تنزيله:
وإذا أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمنا فأما الذين ءامنوا فزادتهم إيمنا وهم يستبشرون وأما الذين فى قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم وماتوا وهم كفرون
[التوبة: 124-125] فالزيادة التي زيدها المنافقون من الرجاسة إلى رجاستهم هو ما وصفنا، والزيادة التي زيدها المؤمنون إلى إيمانهم هو ما بينا، وذلك هو التأويل المجمع عليه. ذكر بعض من قال ذلك من أهل التأويل: حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت. عن عكرمة، أو عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: { فزادهم الله مرضا } قال: شكا. حدثني موسى بن هارون، قال: أخبرنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط عن السدي في خبر ذكره عن أبي مالك، وعن أبي صالح، عن ابن عباس، وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: { فزادهم الله مرضا } يقول: فزادهم الله ريبة وشكا. حدثني المثنى بن إبراهيم، قال: حدثنا سويد بن نصر، قال: أخبرنا ابن المبارك قراءة عن سعيد عن قتادة: { فزادهم الله مرضا } يقول: فزادهم الله ريبة وشكا في أمر الله.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قول الله: { في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا } قال: زادهم رجسا. وقرأ قول الله عز وجل:
صفحه نامشخص