366

جامع البيان في تفسير القرآن

جامع البيان في تفسير القرآن

فمن شهد منكم الشهر فليصمه

[البقرة: 185] فلزمهما من الصوم مثل الذي لزم الشاب إلا أن يعجزا عن الصوم فيكون ذلك الحكم الذي كان لهما قبل النسخ ثابتا لهما حينئذ بحاله. ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد بن زريع، قال: ثنا سعيد ، عن قتادة، عن عروة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: كان الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة وهما يطيقان الصوم رخص لهما أن يفطرا إن شاءا ويطعما لكل يوم مسكينا، ثم نسخ ذلك بعد ذلك: { فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر } وثبت للشيخ الكبير والعجوز الكبيرة إذا كانا لا يطيقان الصوم، وللحبلى والمرضع إذا خافتا. حدثني المثنى، قال: ثنا سويد، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن سعيد، عن قتادة، عن عروة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: { وعلى الذين يطيقونه } قال: الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة، ثم ذكر مثل حديث بشر عن يزيد. حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا معاذ بن هشام، قال: حدثني أبي، عن قتادة، عن عكرمة، قال: كان الشيخ والعجوز لهما الرخصة أن يفطرا ويطعما بقوله: { وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين } قال: فكانت لهم الرخصة، ثم نسخت بهذه الآية:

فمن شهد منكم الشهر فليصمه

[البقرة: 185] فنسخت الرخصة عن الشيخ والعجوز إذا كانا يطيقان الصوم، وبقيت الحامل والمرضع أن يفطرا ويطعما. حدثني المثنى، قال: ثنا حجاج بن المنهال، قال: ثنا همام بن يحيى، قال: سمعت قتادة يقول في قوله: { وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين } قال: كان فيها رخصة للشيخ الكبير والعجوز الكبيرة وهما يطيقان الصوم أن يطعما مكان كل يوم مسكينا ويفطرا، ثم نسخ ذلك بالآية التي بعدها فقال:

شهر رمضان

[البقرة: 185] إلى قوله:

فعدة من أيام أخر

[البقرة: 185] فنسختها هذه الآية. فكان أهل العلم يرون ويرجون الرخصة تثبت للشيخ الكبير والعجوز الكبيرة إذا لم يطيقا الصوم أن يفطرا ويطعما عن كل يوم مسكينا، وللحبلى إذا خشيت على ما في بطنها، وللمرضع إذا ما خشيت على ولدها. حدثت عن عمار بن الحسن، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع في قوله: { وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين } فكان الشيخ والعجوز يطيقان صوم رمضان، فأحل الله لهما أن يفطراه إن أرادا ذلك، وعليهما الفدية لكل يوم يفطرانه طعام مسكين، فأنزل الله بعد ذلك:

شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن

[البقرة: 185] إلى قوله: { فعدة من أيام أخر }. وقال آخرون ممن قرأ ذلك: { وعلى الذين يطيقونه } لم ينسخ ذلك ولا شيء منه، وهو حكم مثبت من لدن نزلت هذه الآية إلى قيام الساعة. وقالوا: إنما تأويل ذلك: على الذين يطيقونه وفي حال شبابهم وحداثتهم، وفي حال صحتهم وقوتهم إذا مرضوا وكبروا فعجزوا من الكبر عن الصوم فدية طعام مسكين لا أن القوم كان رخص لهم في الإفطار وهم على الصوم قادرون إذا افتدوا. ذكر من قال ذلك: حدثني موسى بن هارون، قال: ثنا عمرو بن حماد، قال: ثنا أسباط، عن السدي: وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين قال: أما الذين يطيقونه فالرجل كان يطيقه وقد صام قبل ذلك ثم يعرض له الوجع أو العطش أو المرض الطويل، أو المرأة المرضع لا تستطيع أن تصوم فإن أولئك عليهم مكان كل يوم إطعام مسكين، فإن أطعم مسكينا فهو خير له، ومن تكلف الصيام فصامه فهو خير له. حدثنا هناد، قال: ثنا عبدة، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة عن عروة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: إذا خافت الحامل على نفسها والمرضع على ولدها في رمضان، قال: يفطران ويطعمان مكان كل يوم مسكينا ولا يقضيان صوما. حدثنا هناد، قال: ثنا عبدة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، أنه رأى أم ولد له حاملا أو مرضعا، فقال: أنت بمنزلة الذي لا يطيقه، عليك أن تطعمي مكان كل يوم مسكينا ولا قضاء عليك. حدثنا هناد، قال: ثنا عبدة، عن سعيد، عن نافع، عن علي بن ثابت، عن ابن عمر مثل قول ابن عباس في الحامل والمرضع. حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: ذكر لنا أن ابن عباس قال لأم ولد له حبلى أو مرضع: أنت بمنزلة الذين لا يطيقونه، عليك الفداء ولا صوم عليك. هذا إذا خافت على نفسها. حدثني محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: { وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين } هو الشيخ الكبير كان يطيق صوم شهر رمضان وهو شاب فكبر، وهو لا يستطيع صومه فليتصدق على مسكين واحد لكل يوم أفطره حين يفطر وحين يتسحر. حدثنا هناد، قال: حدثنا عبدة، عن منصور، عن مجاهد، عن ابن عباس نحوه، غير أنه لم يقل حين يفطر وحين يتسحر. حدثنا هناد، قال: ثنا حاتم بن إسماعيل، عن عبد الرحمن بن حرملة، عن سعيد بن المسيب أنه قال: في قول الله تعالى ذكره: { فدية طعام مسكين } قال: هو الكبير الذي كان يصوم فكبر وعجز عنه، وهي الحامل التي ليس عليها الصيام.

صفحه نامشخص