جامع البيان في تفسير القرآن
جامع البيان في تفسير القرآن
[الفاتحة: 4] فقد عرفه بأسمائه الحسنى وصفاته المثلى. وأن من كان لله مطيعا، فلا شك أنه لسبيل من أنعم الله عليه في دينه متبع، وعن سبيل من غضب عليه وضل منعدل، فما في زيادة الآيات الخمس الباقية من الحكمة التي لم تحوها الآيتان اللتان ذكرنا؟ قيل له: إن الله تعالى ذكره جمع لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم ولأمته بما أنزل إليه من كتابه معاني لم يجمعهن بكتاب أنزله إلى نبي قبله ولا لأمة من الأمم قبلهم.
وذلك أن كل كتاب أنزله جل ذكره على نبي من أنبيائه قبله، فإنما أنزله ببعض المعاني التي يحوي جميعها كتابه الذي أنزله إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، كالتوراة التي هي مواعظ وتفصيل، والزبور الذي هو تحميد وتمجيد، والإنجيل الذي هو مواعظ وتذكير لا معجزة في واحد منها تشهد لمن أنزل إليه بالتصديق. والكتاب الذي أنزل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يحوي معاني ذلك كله، ويزيد عليه كثيرا من المعاني التي سائر الكتب غيره منها خال، وقد قدمنا ذكرها فيما مضى من هذا الكتاب. ومن أشرف تلك المعاني التي فضل بها كتابنا سائر الكتب قبله: نظمه العجيب، ورصفه الغريب، وتأليفه البديع، الذي عجزت عن نظم مثل أصغر سورة منه الخطباء ، وكلت عن وصف شكل بعضه البلغاء، وتحيرت في تأليفه الشعراء، وتبلدت قصورا عن أن تأتي بمثله لديه أفهام الفهماء. فلم يجدوا له إلا التسليم، والإقرار بأنه من عند الواحد القهار، مع ما يحوي مع ذلك من المعاني التي هي ترغيب، وترهيب. وأمر، وزجر، وقصص، وجدل، ومثل، وما أشبه ذلك من المعاني التي لم تجتمع في كتاب أنزل إلى الأرض من السماء. فمهما يكن فيه من إطالة على نحو ما في أم القرآن، فلما وصفت قبل من أن الله جل ذكره أراد أن يجمع بوصفه العجيب، ونظمه الغريب، المنعدل عن أوزان الأشعار، وسجع الكهان، وخطب الخطباء، ورسائل البلغاء، العاجز عن وصف مثله جميع الأنام، وعن نظم نظيره كل العباد الدلالة على نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وبما فيه من تحميد وتمجيد وثناء عليه، تنبيه للعباد على عظمته وسلطانه وقدرته وعظم مملكته، ليذكروه بآلائه ويحمدوه على نعمائه، فيستحقوا به منه المزيد ويستوجبوا عليه الثواب الجزيل. وبما فيه من نعت من أنعم عليه بمعرفته، وتفضل عليه بتوفيقه لطاعته، تعريفعباده أن كل ما بهم من نعمة في دينهم ودنياهم فمنه، ليصرفوا رغبتهم إليه، ويبتغوا حاجاتهم من عنده دون ما سواه من الآلهة والأنداد، وبما فيه من ذكره ما أحل بمن عصاه من مثلاته، وأنزل بمن خالف أمره من عقوباته ترهيب عباده عن ركوب معاصيه، والتعرض لما لا قبل لهم به من سخطه، فيسلك بهم في النكال والنقمات سبيل من ركب ذلك من الهلاك. فذلك وجه إطالة البيان في سورة أم القرآن، وفيما كان نظيرا لها من سائر سور الفرقان، وذلك هو الحكمة البالغة والحجة الكاملة.
حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا المحاربي، عن محمد بن إسحاق، قال: حدثني العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب، عن أبي السائب مولى زهرة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين، قال الله: حمدني عبدي، وإذا قال: الرحمن الرحيم، قال: أثنى علي عبدي، وإذا قال: مالك يوم الدين، قال: مجدني عبدي، فهذا لي. وإذا قال: إياك نعبد وإياك نستعين إلى أن يختم السورة قال: فذاك له "
حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا عبدة، عن ابن إسحاق، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبي السائب، عن أبي هريرة، قال: إذا قال العبد: الحمد لله، فذكر نحوه، ولم يرفعه. حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا أبو أسامة، قال: حدثنا الوليد بن كثير، قال: حدثني العلاء بن عبد الرحمن مولى الحرقة، عن أبي السائب، عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله. حدثني صالح بن مسمار المروزي، قال: حدثنا زيد بن الحباب، قال: حدثنا عنبسة بن سعيد، عن مطرف بن طريف، عن سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" قال الله عز وجل: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين وله ما سأل، فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين، قال الله: حمدني عبدي، وإذا قال الرحمن الرحيم، قال: أثنى علي عبدي، وإذا قال: مالك يوم الدين، قال: مجدني عبدي، قال: هذا لي وله ما بقي "
[2 - سورة البقرة]
[2.1]
قال أبو جعفر: اختلفت تراجمة القران في تأويل قول الله تعالى ذكره: { الم } فقال بعضهم: هو اسم من أسماء القران. ذكر من قال ذلك: حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: الم قال: اسم من أسماء القران. حدثني المثنى بن إبراهيم الآملي، قال: حدثنا أبو حذيفة موسى بن مسعود، قال: حدثنا شبل عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: { الم } اسم من أسماء القران. حدثنا القاسم بن الحسن، قال: حدثنا الحسين بن داود، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج قال: { الم } اسم من أسماء القرآن. وقال بعضهم: هو فواتح يفتح الله بها القرآن. ذكر من قال ذلك: حدثني هارون بن إدريس الأصم الكوفي، قال: حدثنا عبد الرحمن ابن محمد المحاربي، عن ابن جريج، عن مجاهد، قال: { الم } فواتح يفتح الله بها القرآن. حدثنا أحمد بن حازم الغفاري، قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا سفيان، عن مجاهد، قال: { الم } فواتح. حدثني المثنى بن إبراهيم، قال: حدثنا إسحاق بن الحجاج، عن يحيى بن ادم، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد، قال: { الم } و { حم } و { المص } و { ص } فواتح افتتح الله بها. حدثنا القاسم بن الحسن، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد مثل حديث هارون بن إدريس. وقال بعضهم: هو اسم للسورة. ذكر من قال ذلك: حدثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أنبأنا عبد الله بن وهب، قال: سألت عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن قول الله: { الم ذلك الكتاب } و
الم * تنزيل
صفحه نامشخص