جامع البيان في تفسير القرآن
جامع البيان في تفسير القرآن
فقال: يا خاتم النبآء، على أن واحدهم نبيء مهموز. وقد قال بعضهم: النبي والنبوة غير مهموز، لأنهما مأخوذان من النبوة، وهي مثل النجوة، وهو المكان المرتفع. وكان يقول: إن أصل النبي الطريق، ويستشهد على ذلك ببيت القطامي:
لما وردن نبيا واستتب بنا
مسحنفر كخطوط السيح منسحل
يقول: إنما سمي الطريق نبيا، لأنه ظاهر مستبين من النبوة. ويقول: لم أسمع أحدا يهمز النبي. قال: وقد ذكرنا ما في ذلك وبينا ما فيه الكفاية إن شاء الله. ويعني بقوله: { ويقتلون النبيين بغير الحق }: أنهم كانوا يقتلون رسل الله بغير إذن الله لهم بقتلهم منكرين رسالتهم جاحدين نبوتهم. القول في تأويل قوله تعالى: { ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون }. وقوله: { ذلك } رد على «ذلك» الأولى. ومعنى الكلام: وضربت عليهم الذلة والمسكنة، وباءوا بغضب من الله، من أجل كفرهم بآيات الله، وقتلهم النبيين بغير الحق، من أجل عصيانهم ربهم، واعتدائهم حدوده فقال جل ثناؤه: { ذلك بما عصوا } والمعنى: ذلك بعصيانهم وكفرهم معتدين. والاعتداء: تجاوز الحد الذي حده الله لعباده إلى غيره، وكل متجاوز حد شيء إلى غيره فقد تعداه إلى ما جاوز إليه. ومعنى الكلام: فعلت بهم ما فعلت من ذلك بما عصوا أمري، وتجاوزوا حدي إلى ما نهيتهم عنه.
[2.62]
قال أبو جعفر: أما الذين آمنوا فهم المصدقون رسول الله فيما أتاهم به من الحق من عند الله، وإيمانهم بذلك: تصديقهم به على ما قد بيناه فيما مضى من كتابنا هذا. وأما الذين هادوا، فهم اليهود، ومعنى هادوا: تابوا، يقال منه: هاد القوم يهودون هودا وهادة. وقيل: إنما سميت اليهود يهود من أجل قولهم: إنا هدنا إليك. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: حدثني حجاح، عن ابن جريج، قال: إنما سميت اليهود من أجل أنهم قالوا:
إنا هدنآ إليك قال
[الأعراف: 156] القول في تأويل قوله تعالى: { والنصارى }. قال أبو جعفر: والنصارى جمع، واحدهم نصران، كما واحد السكارى سكران، وواحد النشاوى نشوان. وكذلك جمع كل نعت كان واحده على فعلان، فإن جمعه على فعالى إلا أن المستفيض من كلام العرب في واحد النصارى نصراني. وقد حكي عنهم سماعا «نصران» بطرح الياء، ومنه قول الشاعر:
تراه إذا زار العشي محنفا
ويضحي لديه وهو نصران شامس
صفحه نامشخص