============================================================
بغداد صانها الله تعالى عن الأنكاد سنة سبع وسبعين وألف، دخلها وصار لسكانها الغيث والكهف، ولم يزل يتذاكر في مناقب الأولياء، ويبحث عن مآثر الأصفياء، ويشنف سمعه بأقراط أسامي الأجلة المدفونين في بغداد وما يتبعها القرى والبلاد، ويتشرف بزيارة مراقدهم، وشهود مشاهدهم فسأل هذا الحقير عن كتاب ناقل لذكر مناقبهم المتبعة، وكافل ببيان اساميهم الشريفة، فلم اظفر بكتاب مختص بالبحث عن المقبورين في الزوراء، فنهضت متشبثأ بأذيال المصفين من الفضلاء ونظمت درر قلائد مختصة بأولنك الأجلاء، جامعا إياها من كتابي شواهد النبوة ونفحات الانس المنسوبين إلى العارف السامي مولانا عبد الرحمن الجامي (2) قدس الله تعالى سره، والبهجة وشرح الهمزية والصواعق المحرقة وروضة الصفا وتاريخ ابن خلكان وغيرها من الكتب المؤلفة في هذا الشان وسميته "جامع الأنوار في مناقب الأخيار" فجاء كتابا لطيفا في فن التاريخ والأخبار، إلا أنه لاستعجالي في تصتيفه وجمعه وتأليفه كان محتاجا للتكميل، ومفتقرأ إلى التنقيح والتذييل ولم يساعد التقدير إذ ذاك لإدراك ما فات، إذ الأمور مرهونة بالأوقات والشؤون منوطة بالساعات، إلى أن تولى بغداد دار السلام ابراهيم باشا(2) الثاني حفظه رب العباد سنة ألف واثنتين وتسعين من هجرة سيد المرسلين، فدخلها وهو بها أحرى، آثناء جمادى الآخرة، ولم يزل كسلفه مولعا بتدبير مناقب الأولياء، وتتبع مآثر الصلحاء، فأخير بالكتاب المؤلف المذكور، وإنه جامع لأنوار تلك البدور، فطلبه وقد تم له السرور، (1) عبدالرحمن بن احمد بن محمد الجامي، نسبة إلى جام (من بلاد ما وراء النهر) وقيها ولد منة ا81ه واتتقل إلى هراة رصحب مشايخ الصوفية وطاف البلاد، رتوفي بهراة سنة 696م له تفير القرآن، وشرح فصوص الحكم لابن عربي، والفوائد الضياتية في شرح الكافية وغيرها. الاعلام 296/3.
(2) إبراهيم باشا: كان "أغا الينكجرية" ثم آمرأ لحامية أرضروم، وفيها قمع عصيانأ وفع في حاميته، نتال منصب ولاية بغداد مسنة 1092ه (1686)م ومن خدماته العمرانية إنشاء رميف وسكة على جسر الزوارق وتعمير جامع اليد سلطان علي، انظر: آربعة قرون من تاريخ العراق صر 119، وتاريخ العراق بين احتلالين 128/5.
صفحه ۲۹