============================================================
القدس، ومحاضر الأنس، علبى معارج الفضل والإحسان، ورفعت سرائرهم على شرر التحبيب، وأجبلث ضمائرهم في مضامير التقريب، وأطلق لها العنان، وأدير عليهم في منتدى الوصال بأيدي ساقي العز والدلال كؤوس اللطف والجمال من أرق خمور الدنان. فهم دعاة مجابون محبوبون مجذوبون، فالسابتون السابقون أولثك هم المقربون بمحجن الجذب والاحجان، عرشيون بالأرواح، فرشيون بالأشباح، سماويون بالقلوب، أرضيون بالأبدان، ومحبون بذلوا تفوسهم في محبة مولاهم فأذابوها بتيران الرياضات(4)، وأغلوها بالحبس عن لذة الشهوات بل بترك الالتفات إليها بالبصر والجنان ظمثوا في الهواجر، وسهررا في الدياجر، وطهروا العيون والمحاجر، بفيض يحب الأجفان عبدوا ربهم بمخالفة هوى النفوس، وخرجوا من عالم الحس والمحسوس، سائرين بقلوبهم إلى الجناب المقدس المحروس، طايرين بأسرارهم إلى المقام الأرفع المأنوس، بأجنحة العلم والعمل والوجد والعرفان ففتح لهم أبواب الكشف(2) والمشاهدة عند العكوف على أعتاب المعاملة والمجاهدة، وناداهم فأدناهم، وناجاهم فأنجاهم من موجبات البعد والحرمان، وحفظ بهؤلاء الأحباء والأولياء كنوز أسرار حقائق الشريعة الغراء عن مطاعن الجهلة والعميان. كما أحكم احكامها ورفع أعلامها وعتر مدارسها وزين مجالسها بأهلة العلماء الأعيان، فقاموا باعلاء كلمتها وتحرير أصولها وأدلتها، ونشر آثارها في البلدان دافعين بصوارم العلم الشريف أباطيل أهل الزيغ والبطلان، قامعين بمعاوله أراجيف أهل المين والبهتان، كيف لا ل وهم ورثة الأنبياء، وإن الله تعالى أثنى عليهم بأجمل الشناء، بقوله "إتما وذلك بتجنب الشهوات، ومخالقة أهواء النفس (معجم ألفاظ الصوفية ص 763).
(2) يقال عن الصوفية كشف عنه الحجاب، أي حجاب الظلمة، فراى الحقاثق، فهي مكاشفة لا بعين البصر ولكن بعين البصيرة (معجم الفاظ الصوفية ص 293).
(3) سورة فاطر الآية 28
صفحه ۲۱