فصل
تعظيم قرابته - عليه السلام - من تعظيم حرمته، ولقد بالغ في ذلك بعض العلماء حتى قال: يعتقد في أهل البيت أن الله يجاوز عن جميع سيئاتهم لا بعمل عملوه ولا بصالح قدموه بل بسابق عناية من الله لهم. فلا يحل لمسلم أن ينتقص من شهد الله بتطهيره وذهاب الرجس عنه، وما نزل بنا من قبلهم من الظلم ونحوه ننزله منتزلة القضاء الوارد من الله بلا واسطة كالغرق والحرق إذ قال تعالى { إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله } الآية فجعل يده يده بلا واسطة.
وللولد من الحرمة ما للوالد، وإن العقوق لا يخرج من النسب.
وقال بعضهم: إذا أمرت بتعظيم أبناء الصالحين فما ظنك بأولاد الأولياء، وإذا كان هذا في أولاد الأولياء فما ظنك بأولاد الأقطاب، إذا كان هذا في أولاد الأقطاب فما ظنك بأولاد الأنبياء، إذا كان هذا في أولاد الأنبياء فما ظنك في أولاد المرسلين، إذا كان هذا في أولاد المرسلين فما يقال في أولاد سيد المرسلين.
قال سيدي عبد الله القوري: هذا ما يجب لهم علينا، فأما ما يتعين عليهم في أنفسهم فشدة الخوف لأن الذنب في القرب ليس كالذنب في البعد، ينام الوزير على السرير فتضرب عنقه ويسب الزمان [في الموالي] فلا يلتفت إلى حمقه. وقد قال تعالى { يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين } ، وقال - عليه السلام - : "يا فاطمة بنت محمد لا أغني عنك من الله شيئا"؛ وأنشد في معنى ذلك:
عليك بتقوى الله في كل حالة # ولا تترك التقوى اتكالا على النسب
فقد رفع الإسلام سلمان الفارسي # وقد وضع الكفر الشريف أبا لهب
وقال مولانا جلت قدرته: { قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى } ، جاء في التفسير يعني لا تؤذوا قرابتي، قال العلماء: ولقرابته قرابتان قرابة دينية هي أولى من قرابة طينية. قال الحاتمي غفر الله له: سمعت من بعض المشايخ وقوله { الأقربون أولى بالمعروف } يعني إلى الله فإن أهل ملتين لا يتوارثان، وفي الخبر قال - صلى الله عليه وسلم - : "من يرد هوان قريش أهانه الله"، انتهى.
والناس مصدقون مصدقون على أنسابهم حتى يأتي ما يصرف ذلك بيقين، والله الموفق للصواب.
صفحه ۳۵