وقال المسلمون: إن السيئات جميع ما عصي الله به من قليل أو كثير، فلما كان كذلك قلنا: إن السيئات مكفرة مع التوبة لا مع الإصرار؛ لأنه قال: {ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون}.
فلما لم يجز الإصرار على الصغير من الذنب ولا الكبير، وقد قال الله: {توبوا إلى الله توبة نصوحا}، {وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون} من جميع الذنوب، قلنا: كذلك، إلا ما كان من الخطأ والنسيان من السيئات التي قال الله: {لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا}، وقال النبي ^: « عفي لأمتي من الخطأ والنسيان»، فذلك معفى عنه.
فأما من أصر وظلم فإنما يعفى عنه بالتوبة، وقد قال الله تعالى: {لا تظلمون ولا تظلمون}، {وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين}، وقال: {إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها}.
وقال: {ويل للمطففين} ولم يجز من التطفيف قليل ولا كثير.
وقال: {الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس}.
وقال: {لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل...} {ولا تقتلوا أنفسكم} فلو أربى درهما واحدا أو خردلة وجب له ما قال الله، كذلك لو طفف حبة، وكذلك حرام أموال الناس قليل ذلك وكثيره.
صفحه ۵۹