قيل له: نعم، قد قال ذلك، ومعنى ذلك {بأعيننا} بحفظنا؛ يعني: السفينة، وأنها في حفظنا وقدرتنا، فالعين والأعين على معان في اللغة كثيرة؛ فمنه عين الحفظ، ومنه عين العدو، ومنه عين الأمر، وعين اليقين، وعين المال، وغير ذلك، وقد قال ذلك، وهو الحافظ لموسى من عدوه، وحافظ لسفينة نوح حتى نجاهما، وبالله التوفيق.
فإن قال: له يد؟
قيل له: نعم، له يد، وله أياد، و{يداه مبسوطتان}، فيده نعمته، ويداه منته، منة الدين، ومنة الدنيا، وقيل: نعمة الدنيا ونعمة الآخرة، وكله جائز، وليس له يدان كأيدي الخلق المصورة، تعالى الله عن ذلك.
فإن قال: له يمين؟
قيل له: نعم، له يمين، كما قال في كتابه: {والسماوات مطويات بيمينه}؛ أي: ذاهبات فانيات بقدرته. {والأرض جميعا قبضته}؛ يعني: قدرته، فاليمين: ملكه، واليمين: قدرته، واليمين: منته. والقبضة: أيضا ملكه وقدرته. واليد: قدرته وحفظه وملكه، وهذا معروف في اللغة؛ يقول القائل: فلان قبض الدار؛ يعني: ملكها وصارت له، وقبض المال، وقبض غلته. وفلان في يد فلان؛ معناه قادر عليه. وهذا ملك اليمين، وملك يمين، وأمثال هذا في اللغة كثير، فيمين الله ملكه ومنته ونعمته، ويده ملكه، وقبضته قدرته وملكه، فعلى هذا جائز كما قال الله، ولا نصفه كالخلق؛ لأنه قد نفى عن نفسه شبه الخلق، وقد قال الله: {فلا تضربوا لله الأمثال}، وهؤلاء يضربون لله الأشباه، ولا نجعل لله شبها من خلقه.
مسألة: [وصف الله بأنه قديم]
- وسأل فقال: من أين جاز أن يوصف الله بأنه قديم، ولم يصف نفسه في كتابه بأنه قديم؟
صفحه ۳۹