جامع أبي الحسن البسيوي - المتن المحقق
جامع أبي الحسن البسيوي جديد
ژانرها
قيل له: قضاه معصية قضاء الكتاب، وقضاه معصية ومنكرا وقبيحا قضاء حكم.
قيل له: حكم أنه كذلك، وقضاء منكر قضاء علم ||قد علم|| أنه سيكون ممن كسبه.
فإن قال: فأراده معصية؟
قيل له: أراده مسخوطا منهيا عنها، ولم يرده طاعة ولا حسنا.
فإن قال: قدر ذلك؟
قيل له: قدر ذلك، أن جعل المعصية معصية منهيا عنها، والطاعة طاعة مأمورا بها، وقد قال: {ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس}، وقال: {فمنهم شقي وسعيد}؛ فإذا خلقهم كذلك، وعلم أنهم إلى ذلك صائرون فهم يعملون على ما علم.
فإن قال: العلم ساق العباد إلى ما عملوا من المعاصي؟
قيل له: لا، بل سولت لهم أنفسهم، وزين لهم الشيطان أعمالهم حتى كان منهم ما علم الله أنه يكون منهم، لا خلاف بين أحد أن العباد على علمه منقادون، وعلى ما سطر في المكنون من كتابه ماضون.
وقد روي عن سراقة بن مالك أنه سأل رسول الله ^ أنه قال: "يا رسول الله أنعمل بما جفت به الأقلام وجرت به المقادير، أو لسابقة بين أيدينا وأرجلنا"، فقال ^: «لا، بل بما جفت به الأقلام وجرت به المقادير»./103/ فقال سراقة بن مالك: فما نعمل؟! فقال ^ -على ما بلغنا-: «اعملوا، فكل ميسر لما خلق له».
وقد وجدت نحوا من هذا عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه سأل رسول الله ^، فقال له رسول الله ^: «اعمل يا ابن الخطاب فكل ميسر لما خلق له»، وقد سبق علم الله في عباده، فمنهم شقي وسعيد، وغوي ورشيد، وضال ومهتد.
ومن الحجة على من قال: إن الله أراد خلاف ما علم، يقال لهم: هل علم الله ما العباد عاملون، وإلى ما هم صائرون قبل أن يخلقهم؟
فإن قال: لا، كفر وخرج مما عليه أهل الصلاة من قولهم: إن الله لم يزل عالما لما يكون قبل كونه.
صفحه ۱۴۴