اختلف الناس في اسم النكاح "نسختين في اسم الزنا" في اللغة، قال الله تعالى: { ?الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين } (¬1) على قولين؛ فقال بعضهم: إن معنى ذلك والمراد به هو الجماع نفسه، وقالت الفرقة الثانية: هو عقد النكاح، وهذا هو القول، لأن العرب تسمي العقد نكاحا؛ لأنه يبيح النكاح، فسمي السبب باسم المسبب، وإذا كانت الأمة على قولين فيفسد أحدهما صح الآخر، وقد نظرنا فإذا هو العقد دون الجماع، الدليل على ذلك قول الله جل ذكره: ? { الزاني لا ينكح إلا زانية } ، فهذا عموم في الخطاب، فلما كان الزاني قد يزني بغير زانية كالصبية والمجنونة والمغلوبة على عقلها بالنوم علمنا أن هذا الخطاب لم يرد به ما قال مخالفونا، لأن العموم إذا ورد ولم يرد تخصيص منه بدليل فالواجب إجراؤه على عمومه، ولو خصصنا هذا العموم وحملناه تخصيصا كنا قد أجزنا على إخبار الله تعالى الكذب؛ لأن مخالفينا ذهبوا إلى هذا الخطاب، إنما هو إخبار فلو كان خبرا لم يكن صدقا لقيام الدليل على خروج بعض ما تضمنه الخبر، وليس بمنكر في اللغة أن يرد الخطاب ورود الخبر في الظاهر والمراد به الأمر، ألا ترى (¬2) إلى قول الله تعالى: { ?والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء } (¬3) فظاهره هذا خبر، والمراد به الأمر والإلزام. وكذلك قوله عز وجل: { ?إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين } (¬4) فظاهره ظاهر الخبر عن كون الغلبة عند القتال، والمراد بذلك الفرض والإلزام. ومثل هذا في القرآن كثير، فقوله: { ?لا ينكح إلا زانية } ?نهي عن تزويج غير الزانية. ويدل على ذلك قوله عز وجل: { ?وحرم ذلك على المؤمنين } (¬5) يعني هذا المذكور والله أعلم بأن هذا وذلك معناهما واحد في اللغة.
¬__________
(¬1) النور: 3.
(¬2) "ألا ترى" ساقطة من (ج).
(¬3) البقرة: 228.
(¬4) الأنفال: 65.
(¬5) النور: 3.
صفحه ۷۸