جامع ابن برکه ج1
جامع ابن بركة ج1
ژانرها
إنها للمصلحة من فعل الحكيم، وما يعقب بالألفاظ قد لا يكون الحكم معلقا به، وإنما يجري بطيب (¬1) النفس بسبب المحث على فعله والمرغب فيه؛ لأن الإنسان يحب النظافة ويختارها، وفيما أمر عليه السلام من دباغ الإهاب وتغييره عن حاله الأولى ضربا مما تميل إليه النفس وتختاره حتى يكون ذلك مما يشتمل عليه إتيانه؛ الدليل على ذلك ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دخل على سعد بن أبي وقاص. فقال: يا رسول الله أوصي بمالي؟ قال: لا، قال: فالشطر؟ قال: لا، قال: فالثلث؟ قال: الثلث، والثلث كثير وإنك إن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس بأيديهم) (¬2) فأراه صلى الله عليه وسلم أنه فيما نهاه عنه صلاحا لمخلفه (¬3) وعيالهم ليسهل (¬4) عليه ما أمره به، ولم يعلق الحكم بغنى الورثة ولا بفقرهم، ويدل على هذا أيضا؛ لو كان للإنسان ألف دينار وكان له ورثة لم يجز له أن يزيد على الثلث في الوصية حبة، ولو لم يكن في الحبة غنى للورثة. وأجمعوا أن لو خلف درهما واحدا ووارثه يملك ألف دينار لم يكن له أن يزيد على الثلث حبة واحدة، وإن لم يكن له في الحبة غنى لوارثه وبالله التوفيق.
وإن احتج محتج بأن إهاب الخنزير إذا دبغ طهر، واحتج بقول النبي صلى الله عليه وسلم : (أيما إهاب دبغ فقد طهر) (¬5) ، فقال: هذا عموم يشتمل على ما يقع عليه اسم إهاب، يقال له: وكذلك قال الله تعالى: { وما أكل السبع إلا ما ذكيتم } (¬6) ، وهذا عموم يدخل فيه الخنزير وغيره، فإن قال: إلا الخنزير، يقال له: إلا إهاب الخنزير، وبالله التوفيق.
مسألة
¬__________
(¬1) (ج) تطيب .
(¬2) رواه البخاري، ومسلم وأبو داود وأحمد والنسائي.
(¬3) في (ج) لمخلفه.
(¬4) في (أ) ليشهد.
(¬5) تقدم ذكره.
(¬6) المائدة: 3.
صفحه ۲۶۵