ونحن على ظاهر الآية إذا لم نجد دليلا يدل على خلاف الظاهر، وكل ما وقع عليه اسم ماء مطلق فالتطهر به جائز كدرا كان أو صافيا، راكدا كان أو جاريا، سخنا كان أو باردا؛ لأن هذه صفات كلها للماء وكل ما وقع في الماء من كافور أو ريحان أو دهن فاعتبره، فإن كان ناقلا للماء عن اسمه ومغيرا له عن حاله ووصفه لم يجز التطهر به. فإن قال قائل: لم منعتم من التطهر بالماء المضاف وقد أجمع الناس على التطهر بماء البحر؟ قيل له: التطهر بماء البحر مخصوص بسنة النبي صلى الله عليه وسلم لقوله: "الطهور ماؤه والحل ميته" (¬1) فأخذنا في هذا بقول الرسول عليه السلام، وأخذنا في الأول بكتاب الله عز وجل، وكل (¬2) ماء وجد متغيرا ولم يعلم أن تغيره من نجاسة فهو محكوم له بحكم الطهارة؛ لأنا على يقين من أنه كان طاهرا ولسنا على يقين أنه قد صار نجسا، وليس شكنا في زوال الطهارة عنه بموجب ثبوت (¬3) النجاسة فيه، فكذلك كل ما كان على يقين من تمام طهارته ثم شك في فسادها لم تجب عليه إعادتها. وكذلك من تيقن أنه قد أحدث ثم شك أنه قد تطهر فشكه غير مزيل لتيقنه. وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لا وضوء إلا من صوت أو ريح" (¬4) ؛ وهذا خبر له تأويل وشرح طويل ولن يخفى على خواص أصحابنا إن شاء الله؛ لأن الكتاب لهم جمعناه (¬5) وإياهم قصدنا به، لأن المرجوع إليهم والمعول (¬6) عليهم.
¬__________
(¬1) تقدم ذكره .
(¬2) في (أ) كلما .
(¬3) في (ج) لثبوت .
(¬4) رواه الشيخان .
(¬5) في (ج) جمعنا .
(¬6) في (أ) والمعقول .
صفحه ۱۷۶