الجمع بين الصحيحين
تأليف
الإمام الحافظ أبي محمد عبد الحق بن عبد الرحمن الإشبيلي (المتوفى سنة ٥٨٢ هـ)
اعتنى به
حمد بن محمد الغماس
تقديم
الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد
رئيس مجمع الفقه الإسلامي وعضو هيئة كبار العلماء
دار المحقق
صفحه نامشخص
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
تقديم فضيلة الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد
رئيس مجمع الفقه الإسلامي، وعضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده محمد، وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فنشهد أن سنَّة النبي ﷺ وهذا الكتاب من معينها: وحْيٌ من الله، وتنزيل من الله، دين يدان به الله ﷾، بلَّغها النبي ﷺ أمته بلسان عربي معصوم لم يعرف إلا الأفصح من لسان العرب -بله الفصيح- لسان مبارك ينطق عروبة غضة طرية في حروفها، وكلماتها، وجملها، على وجهٍ لم تداخله أنفاس العجم -وحاشاه-، مُسْنَدًا لم يدب إليه ضعف فما دونه من نفثات "رَتَنٍ" ومن والاه.
فهي بحق لأمة الإجابة صحائف دين، ولغة، وبيان، وفصاحة، وبلاغة، فَشَرَفٌ عظيم لهذه الأمة، احتضان علمائها الهداة لهذا الرصيد العظيم، والسند المتين لها فِي دينها في حياتها، والذخيرة النافعة لها بعد مماتها. لذا تعددت مسالك علمائها في خدمتها، وتقريبها.
وكان من وجوه التأليف فيها، الجمع بين أحاديث ذروة سنامها من
مقدمة / 1
صحيحي العَلَمَين المباركين: البخاري، ومسلم -رحمهما الله تعالى-، بداية من الجوزقي المتوفي سنة ٣٨٨ هـ -رحمه الله تعالى- في كتابه "الجمع بين الصحيحين"، ثم ابن عبيد الدمشقي المتوفي سنة ٤٠١ هـ، ثم ابن الفرات المتوفي سنة ٤١٤ هـ، والقرَّاب المتوفي سنة ٤١٤ هـ، ثم البرقاني المتوفي سنة ٤٢٥ هـ، ثم الحميدي المتوفي سنة ٤٨٨ هـ، وهكذا في آخرين من المشرق والمغرب، حتى وصلت النوبة إلى حافظ المغرب في زمانه عبد الحق الإشبيلي المتوفي سنة ٥٨٢ هـ -رحم الله الجميع- إذ تعرض هذا الحافظ إلى الصحيحين، فجمع نَفْسَهُ، وأَحْضَر آليات الجمع والترتيب، على ما بسط في مقدمته، مما يدل على أنه لَقِيَ الألاقي، والعنَاءَ الْمُعَنِّي، مُنْبِئَةً عَن علم متين، وحِسٍّ رقيق، واحتساب عظيم، وكأنما لسان حاله يقول:
وفي سبيل الله ما لاقيت
ولهذا ظَفرَ بثناء مَن بعده من الْحُفاظ عليه، شرقًا، وغربًا، شامًا، وعراقًا، ومصرًا، منهم: العراقي، والذهبي، وابن ناصر الدين، وغيرهم، ممن جرى ذكر كلمات بعضهم في مقدمة التحقيق.
وقد اتخذ -رحمه الله تعالى- صحيح مسلم أصلًا، يضم إليه روايات البخاري -رحمه الله تعالى- في صحيحه؛ لأسباب ذكرها في مقدمته، لا للمذهب السائد لدى المغاربة من تفضيل "صحيح مسلم" على "صحيح البخاري".
والآن هذا طالب علم من الأزد، من أرض القصيم، أرض الغَضَى
مقدمة / 2
والقيصوم، قال الفيروز آبادي المتوفي سنة ٨١٧ هـ. -رحمه الله تعالى- في فاتحة قاموسه: "الحمد لله منطق البلغاء باللُّغى في البوادي، ومودع اللسان أَلْسَنَ اللُّسن الهوادي، ومخصص عروق القيصوم، وغَضَى القصيم بما لم يَنَلْهُ العَبْهَرُ والجادي ... ".
فجمع هذا الشيخ الموفق بين طِيبِ المنبت نسبًا، وأرضًا، وحسن الاختيار في إخراج هذا الكتاب: "الجمع بين الصحيحين" للحافظ الإشبيلي، من ضيق المخطوطات إلى سعة المطبوعات، إسهامًا في نشر هذا الدين، وتعليمًا للمسلمين، فأحيا الله به هذا الأثر النفيس، وأعاد -أحسن الله إليه- التحقيق إلى خُطَّته التي اختطّها شيوخ هذا الشأن.
فمقدمة التحقيق مع إيجازها، مسبوكة بطريقة تُوقف الناظر فيها على هذا الكتاب، فيحيط به علمًا.
وتثبيت النص، وتبيان الفروق، هو عمدته في التحقيق والإخراج، وهو المقصد الأساس من التحقيق.
وتحشيته بتعليقات تُرْشِد الناظر فيه إلى مواطن الحديث عند من خرّجه، وشرح غريبه بكلمات هي "برقيات" توضح المراد من غير إسهاب ولا إثقال، وهكذا.
وختامًا، فهذا العِلْقُ النفيس جدير بحفاوة أهل العلم، وطلابه، والخاصة والعامة، وأن يكون للمسلم سميرًا وهجيرًا، يعاهد نفسه. بما فيه من أنوار الوحي ومشكاة النبوة، حتى يمتلئ قلبه بالعلم والإيمان وجوارحه بالعمل.
مقدمة / 3
وليكون أساسًا أمام المتخصص بعلم الحديث للإضافة والاستدراك. غفر الله لمؤلفه، ونفع الله المسلمين بكتابه، وشكر الله لأخينا في الله الشيخ / حمد بن محمد الغَمَّاس إخراج هذا الكتاب، وإِنَّ الدَّالَّ على الخير كفَاعِلِه، وندعو الله لنا وله بالعلم النافع والعمل الصالح. والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى صحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
بقلم
بكر بن عبد الله أبو زيد
في صيف ١/ ٥ / ١٤١٩
بالطائف
مقدمة / 4
مقدمة التحقيق
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله حمدًا طيبًا كثبرًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضاه، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن اتبع سنته واهتدى بهداه، وبعد:
فإن "تقريب السنة بين يدي الأمة"، وربط المسلمين بالصحيح الثابت من حديث رسول الله ﷺ، وتيسير تناوله لهم من أعظم أسباب الاستقامة على أقوم سنن، والعصمة من مضلات الفتن، وسلامة التدين من شوائب البدع وعوارض الزيغ.
وإن أعظم تحصين لعقول المسلمين ضد الموضوعات والخرافات هو ملؤُها بالأحاديث الصحاح الثابتات؛ فإن أنوار النبوة كاشفة لظلمة الجهالة، مبينةٌ لَبْس الباطل واشتباهه.
ولا ترى موفقًا إلى إدمان النظر في صحيح السنة إلا أَنِست منه نُفْرة من الباطل والموضوع، وبصيرة في التمييز بين الصحاح الثابتة والموضوعات المختلقة، ولذا عظمت الرغبة في إخراج كتاب جامع للأحاديث الصحيحة الثابتة التي حكم بصحتها أئمة هذا الشأن، علماء السنة وحملة ميراث النبوة.
وكان التفكير منحصرًا فِي إخراج كتاب في الجمع بين الصحيحين اللذَين هما أصح الكتب بعد كتاب الله ﷿، فالكلام فِي صحة أحاديثهما
مقدمة / 5
أمر قد فرغ منه.
ثم هي مع ذلك تمتاز بالشمولية في مواضيعها؛ لأن صاحبي الصحيح عملا كتابيهما على الأبواب، فجاءت أحاديثها شاملة للعقائد، والعبادات، والمعاملات، والأخلاق، والآداب، والأذكار، والدعوات، والمغازي، والعسير، وأخبار الأنبياء، ونبأ اليوم الآخر والبعث والمعاد ....، وغير ذلك.
فضميمتها حصيلة متكاملة للمسلم يكون فيها تصحيح للاعتقاد، وتفقه في العبادة، وتهذيب للسلوك، وتزكية للنفوس، وترغيب في الفضائل.
فمن تضلع منها فقد قَبَس نورًا من أنوار النبوة، وأخذ بحظ وافر من هدى الرسالة، فاقتدى على هدى، واتبع عدى بصيرة، وسلك إلى الله على أَثَر أعلم الخلق به، وأخشاهم له، وأحبهم إليه -صلوات الله وسلامه عليه-.
ولما كان أحسن كتاب جمع أحاديثهما مع التقصي والتحرير وحسن الترتيب هو: كتاب (الجمع بين الصحيحين) لأبي محمد عبد الحق بن عبد الرحمن الإشبيلي، قمت بخدمة الكتاب والعناية به، وقدمت له بمقدمة موجزة عن:
- مكانة الصحيحين والجمع بينهما.
- التعريف بالمؤلف.
- التعريف بالكتاب.
مقدمة / 6
- وصف النسخ الخطية.
- العمل في الكتاب.
فإلى كل محب لرسول الله ﷺ، معظم لسنته، متبع لهديه، أقدم هذا الكتاب سائلًا الله للجميع الهدى والسداد.
مقدمة / 7
الصحيحان والجمع بينهما
حسب هذين الكتابين -صحيح البخاري (١) وصحيح مسلم (٢) - سموًا ورفعةً وإمامةً وجلالةً أن يقال عنهما: إنهما أصح كتابين بعد كتاب الله جل وعلا، وأن تتواطأ السنة ورثة النبوة وعلماء الأمة على تعظمهما وتقديمهما، والثناء عليهما، وأنهما في أعلى درجات الصحة.
قال النووي: "اتفق العلماء ﵏ على أن أصح الكتب -بعد القرآن العزيز- الصحيحان: البخاري ومسلم، وتلقتهما الأمة بالقبول" (٣) ا. هـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "الذي اتفق عليه أهل العلم أنه ليس بعد القرآن أصح من كتاب البخاري ومسلم" (٤).
قال العلائي: "إن الأئمة اتفقت على أن كل ما أسنده البخاري أو مسلم في كتابيهما الصحيحين فهو صحيح لا ينظر فيه" (٥).
_________
(١) وقد سماه الإمام البخاري "الجامع الصحيح المسند من حديث رسول الله ﷺ وسننه وأيامه".
(٢) وقد سماه الإمام مسلم "المسند الصحيح المختصر من السنن بنقل العدل عن العدل عن رسول الله ﷺ.
(٣) المنهاج ١/ ١٤.
(٤) مجموع الفتاوى ٢٠/ ٣٢١.
(٥) النقد الصحيح ٢٢.
مقدمة / 8
وقال الطيبي: "أول من صنف في الصحيح المجرد الإمام البخاري، ثم مسلم، وكتاباهما أصح الكتب بعد كتاب الله العزيز" (١).
وقال العيني: "اتفق علماء الشرق والغرب على أنه ليس بعد كتاب الله تعالى أصح من صحيحي البخاري ومسلم" (٢).
وقال الفصيح الهروي: "أول من صنف في الصحيح المجرد الإمام البخاري ثم مسلم وكتاباهما أصح الكتب بعد كتاب الله تعالى" (٣).
ليس بعجيب أن يقال في الصحيحين ذلك فهما كذلك، ولكن العجب أنهما أول تأليف في الصحيح المجرد، والمعتاد في البدايات النقص ووجود الخلل، ثم يستكمل ذلك من يأتي بعد، إلا الصحيحين فقد أدركا الأولية والأفضلية، فهما أول ما ألف في الصحيح، ثم توالت بعد المؤلفات والمستخرجات، فلم تدرك تلك الرتبة ولا قاربت تلك المنزلة، والله يختص برحمته من يشاء والله واسع عليم.
لقد تحرى الإمامان البخاري ومسلم -رحمهما الله- الصدق في كتابيهما وبالغا في التحري، وقد قال ﷺ (ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقًا) (٤)، فأبقى الله ذكرهما في العالمين، وجعل لهما لسان صدق في الآخرين، وذلك فضل الله يؤتيه من
_________
(١) الخلاصة ٣٦.
(٢) عمدة القاري ١/ ٥.
(٣) جواهر الأصول ١٨.
(٤) البخاري ١٠/ ٥٠٧ رقم (٦٠٩٤) ومسلم رقم (٢٦٠٧).
مقدمة / 9
يشاء، والله ذو الفضل العظيم.
ولما كان الصحيحان بهذه المثابة، فقد نفر إلى خدمتهما وتقريبهما علماء السنة، وحفاظ الحديث، وتنوعت هذه الخدمة؛ كاختصارهما، أو الانتخاب منهما، أو جمع المتفق عليه بينهما، أو شرحهما، أو بيان غريبهما، أو عمل أطراف لهما، أو إفراد رجاطما، أو الصحابة الذي رووا لهما ...، وهكذا.
وكان من جهود العلماء في تقريب الصحيحين وتيسيرهما للناس: الجمع بينهما، وأُلفت في ذلك كتب كثيرة منها:
١ - الجمع بين الصحيحين لأبي عبد الله محمد بن أبي نصر فتوح بن حميد بن يصل الأزدي الحميدي المتوفي سنة ثمان وثمانين وأربعمائة.
ويلاحظ:
أ- أن الحميدي ﵀ خالف طريقة صاحبي الصحيح في ترتيبه، فإنهما رتبا كتابيهما على الأبواب، أما هو فرتب الجمع بينهما على المسانيد، وذلك يُفَوِّتُ ما قصده الشيخان من جعل كتابيهما على الأبواب، فإن لهما في ذلك فقهًا دقيقًا.
ب- أن الحميدي أضاف إلى أحاديث الصحيحين زيادات من المستخرجات عليهما، وربما لم يميز الزيادة عن أصل الحديث عند صاحبي الصحيح.
قال السخاوي: "ربما يسوق الحديث الطويل ناقلًا له من مستخرج البرقاني أو غيره، ثم يقول: اختصره البخاري فأخرج طرفًا منه، ولا يبين
مقدمة / 10
القدر المقتصر عليه، فيلتبس على الواقف عليه، ولا يميزه إلا بالنظر في أصله، ولكنه في الكثير يميز بأن يقول بعد سياق الحديث بطوله: اقتصر البخاري على كذا، وزاد فيه البرقاني كذا" (١).
ولذا قال ابن الصلاح: "غير أن الجمع بين الصحيحين للحميدي الأندلسي يشتمل زيادة تتمات لبعض الأحاديث، فربما نقل من لا يميز بعض ما يجده في الصحيحين أو أحدهما وهو مخطئ؛ لكونه من تلك الزيادات التي لا وجود لها في واحد من الصحيحين". (٢)
وقال العراقي في التبصرة والتذكرة (وليت إذ زاد الحميدي ميزا) (٣).
٢ - الجمع بين الصحيحين للحسن بن محمد الصاغاني المتوفي سنة ٦٥٠ هـ. والمسمى (مشارق الأنوار النبوية من صحاح الأخبار المصطفوية).
ويلاحظ:
أ- أنه رتبه ترتيبًا لم يسبق إليه، ولم يتابع عليه، فلم يرتبه على الأبواب، ولا على المسانيد، ولا على حروف المعجم، وإنما رتبه على الكلمات الأُوَل على أبواب النحو؛ مبتدئًا بمَنْ الموصولة، ثم مَنْ الاستفهامية، ثم إن، ثم إذا ...، وهكذا. وهذا يجعل الاستفادة منه في غاية العسر.
ب -كما أنه اقتصر فيه على الأحاديث القولية فقط.
_________
(١) فتح المغيث (١/ ٤٧).
(٢) المقدمة مع التقييد (ص ١٩).
(٣) فتح المغيث (١/ ٤٧). وقد تعقب الحافظ في "النكت" (١/ ٣٠٠) كلام العراقي ولكن كلام السخاوي أكثر دقة واحترازًا.
مقدمة / 11
ج- ثم إنه أضاف إلى أحاديث الصحيحين أحاديث من مسند الشهاب للقضاعي، وكتاب النجم للإقليشي؛ رأى أنهما مما صح من كتابيهما، فمزج أحاديث الصحيحين بغيرهما. وقد شرح الكتاب غبر واحد، وطبعت الكتاب مؤسسة الكتب الثقافية.
٣ - الجمع بين الصحيحين مع حذف السند والمكرر من البين. لأبي حفص عمر بن بدر بن سعيد ضياء الدين الكردي الحنفي المتوفي سنة (٦٢٢ هـ).
وقد طبع بتحقيق الدكتور علي البواب، والكتاب استله مؤلفه من جامع الأصول لابن الأثير، ولم يرجع إلى كتاب البخاري ومسلم، وابن الأثير لم يأخذ من الصحيحين أيضًا، وإنما أخذ من الجمع بين الصحيحين للحميدي، وقد نتج عن ذلك أخطاء في نسبة ألفاظ إلى الصحيحين وليست فيها، بل مما زاده الحميدي من بعض المستخرجات، أو ذكر لفظ الحديث على أنه لصاحبي الصحيح مع أنه لأحد أصحاب السنن الذين أخرجوا الحديث بسياق أتم، وقد ذكر محقق الكتاب أمثلة لهذه الأخطاء في مقدمة تحقيقه ١٠ - ١٤.
وكما أن الموصلي استل كتابه من جامع الأصول، فقد اقتفاه في طريقة الترتيب وهي ترتيب الكتب على حروف المعجم.
٤ - ولأبي عبد الله محمد بن حسين بن أحمد بن محمد الأنصاري الْمَرِيّ
مقدمة / 12
- بوزن غَنِيّ -نسبة إلى المرية المتوفى سنة (٥٨٢ هـ) (١).
٥ - وللإمام أبي محمد حسين بن مسعود الفراء البغوي المتوفى سنة (٥١٦ هـ).
٦ - وللإمام أبي بكر محمد بن عبد الله بن محمد الجوزقي النيسابوري المتوفى سنة (٣٨٨ هـ).
٧ - ولأبي محمد إسماعيل بن أحمد المعروف بابن الفرات السرخسي الهروي المتوفى سنة (٤١٤ هـ).
٨ - ولأبي جعفر أحمد بن محمد القرطبي المعروف بابن حجة المتوفى سنة (٦٤٢ هـ).
٩ - ولأبي بكر أحمد بن محمد البرقاني المتوفى سنة (٤٢٥ هـ).
١٠ - ولأبي مسعود إبراهيم بن محمد بن عبيد الدمشقي (٢) المتوفى سنة (٤٠١ هـ).
١١ - الجمع بين الصحيحين بأسانيده لأبي محمد إسماعيل بن إبراهيم السرخسي القراب المتوفى سنة (٤١٤ هـ) (٣).
١٢ - الجامع بين الصحيحين بحذف المعاد والطرق، لأبي نعيم عبيد الله بن
_________
(١) الرسالة المستطرفة (١٧٣).
(٢) ذكره والكتب الخمسة قبله صاحب كشف الظنون (١/ ٥٩٩). ويحتمل أن يكون المراد بكتاب أبي مسعود "أطراف الصحيحين" له، فإن كان فليس مما نحن بصدده هنا، انظر "سير أعلام النبلاء" (١٧/ ٢٢٨).
(٣) سير أعلام النبلاء (١٧/ ٣٨٠).
مقدمة / 13
الحسن بن حمد بن أحمد بن الحداد الأصبهاني المتوفى سنة (٥١٧ هـ) (١).
١٣ - الجمع بين الصحيحين لزكي الدين عبد العظيم بن عبد القوي المنذري المتوفى سنة (٦٥٦ هـ) (٢).
١٤ - الجمع بين الصحيحين على الأبواب للحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني المتوفى سنة (٨٥٢ هـ) (٣).
١٥ - مسند الصحيحين، وسنن الصحيحين لعبد الحق بن عبد الواحد الهاشمي المتوفى سنة (١٣٩٤ هـ). وقد قسمه إلى قسمين: القسم الأول: مسند الصحيحين ورتبه على مسانيد الصحابة، ورتب أسماءهم على حروف المعجم، وهو بهذا قريب من صنيع الحميدي. القسم الثاني: مسند الصحيحين، أو مصنف الصحيحين، ورتبه على الأبواب على ترتيب صحيح مسلم وهو في هذا قريب من صنيع عبد الحق الإشبيلي.
على أنه في كلا القسمين يسوق الحديث بإسناده، ويعزوه إلى الكتاب والباب في أصله، معتمدًا تبويب النووي بالنسبة لصحيح مسلم، والكتاب مصدر عن أصل بخط مؤلفه ﵀.
١٦ - الجامع بين الصحيحين، جمع وترتيب صالح بن أحمد الشامي (من المعاصرين) طبع دار القلم سنة (١٤١٥).
_________
(١) فهرس مخطوطات جامعة الإمام (١/ ٢٢١). ويحتمل أن يكون هو "جامع أطراف الصحيحين" انظر "سير أعلام النبلاء" (١٩/ ٤٨٧).
(٢) مقدمة التكملة لوفيات النقلة للدكتور بشار معروف (ص ٢١).
(٣) ابن حجر العسقلاني ودراسة مصنفاته للدكتور شاكر عبد المنعم (٣٣٥).
مقدمة / 14
ولكن أوفى هذه الكتب جمعًا، وأحسنها ترتيبًا، وأتقنها ضبطًا وتحريرًا هو كتاب الحافظ الإمام أبي محمد عبد الحق، ويأتي في التعريف بالكتاب كلام العلماء عنه وثناؤهم بذلك عليه.
مقدمة / 15
التعريف بالمؤلف (١)
نسبه ونسبته:
هو الحافظ أبو محمد عبد الحق بن عبد الله بن الحسين بن سعيد بن إبراهيم الأزدي الإشْبِيلي البِجَائِي. ويعرف في زمانه بابن الخراط -والخراط نسبةً إلى خرط الخشب، فلعل أباه أو أحد أجداده احترف هذه المهنة-.
حياته:
ولد عبد الحق سنة ٥١٠ هـ وهذا قول جمهور المؤرخين لحياته (٢).
وقال أبو جعفر بن الزبير: ولد سنة ٥١٤ هـ (٣) وقال أبو العباس بن قنفذ: ولد سنة ٤١٦ هـ (٤).
ويفهم من نصوص المترجمين أن مولده بإشبيلية (٥)؛ لأنهم نصوا على أنه من أهل إشبيلية، وأنه بها نشأ (٦).
_________
(١) هذا التعريف مستل من الترجمة الموعبة الني صنعها العلامة المتفنن أبو عبد الرحمن بن عقيل الظاهري، وهي أوسع ترجمة عملت للحافظ عبد الحق، كما أن الشيخ أبا عبد الرحمن هو أول من لفت النظر إلى تراث عبد الحق وبدأ إخراجه إلى عالم المطبوعات من خلال الجزء الذي أخرحه من كتب الأحكام.
(٢) - تذكرة الحفاظ (٤/ ١٣٥١)، عنوان الدراية (٤٤)، شذرات الذهب (٤/ ٢٧١).
(٣) - صلة الصلة (٦).
(٤) - أنس الفقير (٦).
(٥) - مدينة كبيرة كانت أعظم مدن الأندلس، وبها كانت قاعدة ملك بني عباد. "معجم البلدان ١/ ١٩٥".
(٦) - صلة الصلة (٦).
مقدمة / 16
وفي إشبيلية سمع من آخر تلامذة ابن حزم بالإجازة القاضي شريح المتوفى سنة (٥٣٩ هـ).
ثم تحول من إشبيلية إلى لبلة (١)، ولازم بها أبا الحسن خليل بن إسماعيل السكوني، وقرأ عليه، وتفقه به وتأدب (٢).
ثم ارتحل من لبلة إلى بجاية (٣) فسكنها وقت الفتنة التي زالت بها الدولة اللمتونية بدولة الموحدين (٤). وكان استيلاء الموحدين عليها سنة (٥٤٧ هـ).
وسكن عبد الحق بجاية، واتخذها وطنًا، فنشر بها علمه، وصنف تصانيفه، وبها اشتهر اسمه، وبعد صيته، وكمل خبره (٥)، ودعى بها إلى خطتي القضاء والخطابة للموحدين فامتنع عن ذلك وأبى. ثم دعي إلى ذلك حين دخلها ابن غانية الميورقي فأجاب؛ حيث ولي قضاء بجاية مدة قليلة، وكذلك الخطابة (٦). وقد كان دخول ابن غانية بجاية في ٦/ ٨ / ٥٨٠ هـ. واستعادها منه الموحدون في ١٩/ ٢/ ٥٨١ هـ. وكان
_________
(١) - مدينة كبيرة بالأندلس، قال ياقوت: وهي برية بحرية غزيرة الفضائل والثمر. (معجم البلدان ٥/ ١٠).
(٢) - صلة الصلة (٥).
(٣) - بجاية: بكسر الباء وفتح الجيم مخففة: مدينة على ساحل البحر بين أفريقية والمغرب.
(معجم البلدان ١/ ٣٣٩). وهي الآن شرقي دولة الجزائر.
(٤) - تذكرة الحفاظ (٤/ ١٣٥١).
(٥) - عنوان الدراية (٤١).
(٦) - صلة الصلة (٥).
مقدمة / 17
ذلك سببًا لحقد أبي يوسف يعقوب أمير الموحدين على الإمام عبد الحق. قال المراكشي: ورام سفك دمه، فعصمه الله منه، وتوفاه الله حتف أنفه وفوق فراشه (١).
شيوخه وتلاميذه:
أخذ أبو محمد العلم عن طائفة، منهم: أبو الحسن طارق بن موسى بن يعيش المنصفي (٢) (٥٤٩ هـ)، وأبو الحكم عبد السلام بن برَّجان اللخمي (٣) (٥٣٦ هـ)، وأبو بكر عبد العزيز بن خلف بن مدير الأزدي (٥٤٤ هـ)، وأبو الإصبع عبد العزيز بن علي الطحان (٤) (٥٥٩ هـ)، والمحدث أبو محمد طاهر بن عطية الحجاري (٥) (٥٣٧ هـ)، والقاضي أبو بكر بن العربي (٦) (٥٤٣ هـ).
وممن روى عن الحافظ عبد الحق:
أبو جعفر أحمد بن علي بن عون الله الأنصاري (٧) (٦٠٩ هـ)، وأبو الحسن علي بن محمد بن جميل المعافري (٨) (٦٠٥ هـ)، وأبو الفضل
_________
(١) - المعجب (٢٦٩ - ٢٧٢).
(٢) - صلة الصلة (٥).
(٣) - تذكرة الحفاظ (٤/ ١٣٥٠).
(٤) - صلة الصلة (٥).
(٥) - سير أعلام النبلاء (٢١/ ١٩٨).
(٦) - بغية الملتمس (٢٩١).
(٧) - التكملة (١/ ١٠٠).
(٨) - التكملة لوفيات النقلة (١/ ٧٩).
مقدمة / 18
جعفر بن محمد بن طاهر القيسي (١) (٥٩٨ هـ)، وأبو محمد عبد الله بن سليمان بن حوط الله (٢) (٦١٢ هـ)، وأبو الحسن ابن أبي نصر الزاهد (٣) (٦٥٢ هـ)، وأبو محمد عبد الله بن أحمد بن التميمي (٤) (٦٢٠ هـ)، وغيرهم كثير.
مناقبه وثناء العلماء عليه:
ذكره تلميذه الضبي فقال: الفقيه المحدث الحافظ، كان متواضعًا متقللًا من الدنيا، وكان إذا صلى الصبح في الجامع أقرأ إلى وقت الضحى، ثم قام فركع ثماني ركعات، ونهض إلى منزله واشتغل بالتأليف إلى صلاة الظهر. فإذا صلى الظهر وأدى الشهادات قرئ عليه في أثناء ذلك إلى العصر، فإذا صلى العصر مشى في حوائج الناس. وكان لا يدخل بجاية أحد من الطلاب إلا سأل عنه ومشى إليه وآنسه بما يقدر عليه (٥).
وقال اليافعي: كان مع جلالته لا العلم قانعًا متعففًا موصوفًا بالصلاح والورع ولزوم السنة (٦).
وقال ابن الأبار: كان فقيهًا حافظًا عالمًا بالحديث وعلله، عارفًا
_________
(١) - عنوان الدراية (٥٥).
(٢) - صلة الصلة (٥).
(٣) - تذكرة الحفاظ (٤/ ١٣٥٢).
(٤) - عنوان الدراية (٢٤٤).
(٥) - بغية الملتمس (٣٩١).
(٦) - مرأة الجنان (٣/ ٤٢٢).
مقدمة / 19