وسائر الناس، وعائشة وطلحة والزبير وأتباعه جميعا معا كانوا على صواب فيما انتهوا إليه من التباين والاختلاف والحرب والقتال وسفك الدماء، وضرب الرقاب، فإن فرضهم الذي يعين عليهم من طريق الاجتهاد هو ذلك بعينه دون سواه، لم يخرجوا بشئ منه عن طاعة الله ولا دخلوا به في شئ منه إلا أنهم كانوا على الهدى والصواب، ولو قصروا عنه مع الاجتهاد المؤدي لهم إليه; لضلوا عن الحق، وخالفوا السبيل والرشاد.
وزعموا أن إنهم كانوا جميعا مع الحال التي انتهوا إليها من سفك الدماء; وقتل النفوس; والخروج عن الأموال والديار على أتم مصافاة ومودة وموالات، ومخالصة في الضماير والنيات; واستدلوا على ذلك وزعموا بأن قالوا وجدنا كل فريق من الفريقين متعلقا بحجة تعذره فيما أتاه وتوجب عليه العمل بما صنع، وذلك أن علي بن أبي طالب كان مذهبه تحريم قتل الجماعة بالواحد وإن اشتركوا في قتله معا وهو مذهب مشهور من مذاهب أصحاب الاجتهاد; ولم يثبت عنده أيضا إن المعروفين بقتل عثمان تولوا على ما ادعى عليهم من ذلك فلم يسعه تسليم القوم إلى من التمسهم منه ليقتلوهم بعثمان; ووجب عليه (ع) في اجتهاده الدفاع عنهم بكل حال، وكان مذهب عائشة وطلحة والزبير قود الجماعة بالواحد من الناس; وهو مذهب ابن عمر بن الخطاب وغيره من الصحابة وجماعة من التابعين; وبه دان جماعة من الفقهاء وأصحاب الاجتهاد، وثبت عندهم أن الجماعة يقتلون بالرجس الواحد وأن أمير المؤمنين لم يسلمهم ليقتلوهم بعثمان، وأن الناس تولوا قتله واشتركوا في دمه; وكان إماما مرضيا عندهم; قتل بغير حق; فلم يسعهم ترك المطالبة بدمه; والاستفادة من قاتله وبذل الجهد في ذلك; فاختلف الفريقان في ذلك لما ذكروه من الاجتهاد; وعمل كل فريق منهم على رأيه وكان
صفحه ۲۳