جمال الدين الأفغانی
جمال الدين الأفغاني: المئوية الأولى ١٨٩٧–١٩٩٧
ژانرها
ويتعرض الأفغاني لبعض قضايا التربية الاجتماعية مثل الشباب والقضاة. فالشباب جسر من جنون لا غنى للعقلاء من المرور عليه، ومن الطبيعي للثائر أن يجعل الشباب في مقدمة الثوار. فالثورة روح الشباب. ويركز الأفغاني على ضرورة إنصاف القضاة. فإذا لم تنصف الحكومة القضاة فأحرى بها أن تجعل الذئاب رعاة؛ لأن إنصاف القاضي واجب قبل إنصاف المتقاضي. وإذا كان القاضي يتظلم فكيف لا يتألم المظلوم؟ ونظرا لأهمية القاضي العادل يرى الأفغاني أن قاضيا في الجنة وقاضيين في النار.
16 (3) الفضائل الاجتماعية
وتبدأ الفضائل الاجتماعية بتجاوز الأنانية وحب الذات إلى الغيرية وإنكار الذات. تظهر الأنانية وحب الذات إذا ما ظهر اعتقاد النفس وكمالها ونقص الغير، والرضا عن النفس واحتقار الغير. فيضيع الاعتدال، ويختل التناسب ما دام الخير في الذات والشر في الغير. ويظهر ذلك في علاقة الآباء بالأبناء وحال المواطنين في مدينة واحدة، وحال الملوك والرعية، كل طرف يدعي أنه على حق، والآخر على باطل. بل إن الحكماء والعقلاء أيضا وقعوا في ذلك، وظن كل حكيم أنه على صواب والآخرون على خطأ. فاختل ميزان النظر. وعادة ما يكون المحب للذات من أرذل الأخلاق وأشنع الخصال، قاسيا ظانا أنه رحيم، متكبرا واهما، أنه متواضع، يصغر عيوبه ويكبر عيوب الآخرين. هذا هو داء حب الذات، وهو غشاوة على العقل تمنعه من استطلاع الحقائق. وطريق الخلاص هو أن ينظر الإنسان إلى نفسه في مرآة غيره وليس في مرآة ذاته. فالإنسان جميل في مرآة ذاته، قبيح في مرآة غيره، خير الأخلاق إذن إنكار الذات. وأعظم الدلائل على إنكار الذات الأعمال. والإصلاح يبدأ بالنفس قبل الغير. ومن عجز عن إصلاح نفسه كيف يكون مصلحا لغيره؟ الإنسان من وقر نفسه، وعرف حق غيره من جنسه.
17
ثم تبدأ الفضائل الاجتماعية بعد تجاوز الأنانية إلى الغيرية. فالهيئات في الاجتماع، حكومية كانت أو غير حكومية إنما هي خليط من أفراد يقوم على مراعاة التشاكل والتجانس فيها وإلا فسد الخليط. وعدم التشاكل من أعقد المشاكل. ولكن بالضغط والتضييق تلتحم الأجزاء المبعثرة. فالأزمة تلد الهمة. وإذا ما تكونت الهيئة الاجتماعية سرت العدوى الاجتماعية أي الترابط الاجتماعي بين أفرادها؛ فالأجرب يعدي السليم، والمرتكب يعدي المستقيم.
18
الفضائل مناط الوحدة الاجتماعية. ومجموعها العدل في الأعمال، وهي قوة الحياة المستكملة في كل عضو، فهي فضائل وسطية عضوية حيوية. وهي فضائل اجتماعية وسياسية. فالأمة التي تسودها الفضائل تقوى وتنهض؛ لأنها تكون متحدة مجتمعة. يقوم كل فرد فيها بدوره، وتتمثل فضائل العقل والتروي وانطلاق الفكر بين قيود الأوهام والعفة والسخاء والقناعة والدماثة والوقار والتواضع وعظم الهمة والصبر والحلم والشجاعة والإيثار والنجدة والسماحة والصدق والوفاء والأمانة وسلامة الصدر من الحقد والحسد، والعفو والرفق ، والمروءة والحمية، وحب العدالة والشفقة. فإذا تحلت أمة بها غلبت. لذلك قال النبي:
إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق . فإذا تغيرت هذه الفضائل إلى نقائضها من رذائل هلكت الأمة
وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون . فالرذائل تورث العداوة والبغضاء، والخلاف والشقاق تقضي على الأمة، وتجعل البأس بينها شديدا
وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد . هذه علل الخراب. وقد ظهرت في طائفة الدهيرومنك في الهند المعروفين عند الأوروبيين بطائفة باريا
صفحه نامشخص