جلیس صالح
الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي
پژوهشگر
عبد الكريم سامي الجندي
ناشر
دار الكتب العلمية
شماره نسخه
الأولى ١٤٢٦ هـ
سال انتشار
٢٠٠٥ م
محل انتشار
بيروت - لبنان
وَزَيْتًا سَوْدًا الْغَدَاةَ فَأَحَبَّ أَنْ نَأْكُلَ مَعَهُ، فَقُلْتُ: مَا أَرَى ذَاكَ، وَمَا أَظُنُّ هَذَا إِلا لأَمْرٍ قَالَ: فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهِ فَدَخَلْنَا فَإِذَا الرَّبِيعُ وَاقِفٌ عِنْدَ السِّتْرِ، وَإِذَا الْمَهْدِيُّ وَلِيُّ الْعَهْدِ فِي الدِّهْلِيزِ جَالِسٌ، وَإِذَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَلِيٍّ وَدَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيٍّ وَسُلَيْمَانُ بْنُ عَلِيٍّ وَجَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَسَنِ بْنِ حَسَنٍ وَالْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ فَقَالَ الرَّبِيعُ: اجْلِسُوا مَعَ بَنِي عَمِّكُمْ، قَالَ: فَجَلَسْنَا ثُمَّ دَخَلَ الرَّبِيعُ وَخَرَجَ، فَقَالَ الْمهْدي: ادْخُلْ أَصْلَحَكَ اللَّهُ، ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ: ادْخُلُوا جَمِيعًا، فَدَخَلْنَا فَسَلَّمْنَا وَأَخَذْنَا مَجَالِسَنَا، فَقَالَ لِلرَّبِيعِ: هَاتِ دويًا يَكْتُبُونَ فِيهِ، فَوَضَعَ بَيْنَ يَدَيْ كل منا داوة وورقًا، ثمَّ الْتفت إِلَى عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَلِيٍّ، فَقَالَ: يَا عَمِّ حَدِّثْ وَلَدَكَ وَإِخْوَتَكَ وَبَنِي أَخِيكَ بِحَدِيثِ الْبِرِّ وَالصِّلَةِ، فَقَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: " إِنَّ الْبِرَّ وَالصِّلَةَ لَيُطَوِّلانِ الأَعْمَارَ وَيُعَمِّرَانِ الدِّيَارَ وَيُثْرِيَانِ الأَمْوَالَ وَإِنْ كَانَ الْقَوْمُ فُجَّارًا " ثُمَّ قَالَ: يَا عَمِّ الْحَدِيثَ الآخَرَ، فَقَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَلِيٍّ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ، فَقَالَ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: " إِنَّ الْبِرَّ وَالصِّلَةَ لَيُخَفِّفَانِ سُوءَ الْحِسَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ تَلا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سوء الْحساب "
فَقَالَ الْمَنْصُورُ: يَا عَمِّ الْحَدِيثَ الآخَرَ، فَقَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: " أَنَّهُ كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ مَلِكَانِ أَخَوَانِ عَلَى مَدِينَتَيْنِ وَكَانَ أَحَدُهُمَا بَارًّا بِرَحِمِهِ عَادِلا مَعَ رَعِيَّتِهِ، وَكَانَ الآخَرُ عَاقًّا بِرَحِمِهِ جَائِرًا عَلَى رَعِيَّتِهِ، وَكَانَ فِي عَصْرَيْهِمَا بنيٌ فَأَوْحَى اللَّهُ ﷿ إِلَى ذَلِك النَّبِي أَنَّهُ قَدْ بَقِيَ مِنْ عُمُرِ هَذَا الْبَارِّ ثَلاثُ سِنِينَ، وَبَقِيَ مِنْ عُمُرِ الْعَاقِّ ثَلاثُونَ سَنَةً، فَأَخْبَرَ ذَلِكَ النَّبِيُّ رَعِيَّةَ هَذَا وَرَعِيَّةَ ذَلِكَ فَأَحْزَنَ ذَلِكَ رَعِيَّةَ الْعَادِلِ، وَأَحْزَنَ ذَلِكَ رَعِيَّةَ الْجَائِرِ، فَقَالَ: فَفَرَّقُوا بَيْنَ الأَطْفَالِ مِنَ الأُمَّهَاتِ وَتَرَكُوا الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ، وَخَرَجُوا إِلَى الصَّحْرَاءِ يَدْعُونَ اللَّهَ ﷿ أَنْ يُمَتِّعَهُمْ بِالْعَادِلِ وَيُزِيلَ عَنْهُم الْجَائِرِ فَأَقَامُوا ثَلاثًا، فَأَوْحَى اللَّهُ ﷿ إِلَى ذَلِكَ النَّبِيِّ ﷺ: " أَخْبِرْ عِبَادِي أَنِّي قَدْ رَحِمْتُهُمْ وَأَجَبْتُ دُعَاءَهُمْ، فَجَعَلْتُ مَا بَقِيَ مِنْ عُمُرِ هَذَا الْبَارِّ لِذَلِكَ الْجَائِرِ، وَمَا بَقِيَ مِنْ عُمُرِ الْجَائِرِ لِهَذَا الْبَارِّ، قَالَ: فَرَجَعُوا إِلَى بُيُوتِهِمْ وَمَاتَ الْعَاقُّ لِتَمَامِ ثَلاثِ سِنِينَ وَبَقِيَ الْعَادِلُ فِيهِمْ ثَلاثِينَ سَنَةً، ثُمَّ تَلا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ " وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ "، ثُمَّ الْتَفَتَ الْمَنْصُورُ إِلَى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، حَدِّثْ إِخْوَتَكَ وَبَنِي عَمِّكَ بِحَدِيثِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ، عَنِ النَّبيّ ﷺ فِي الْبِرِّ، فَقَالَ جَعْفَرُ بن مُحَمَّد: حَدثنِي أبين عَنْ جَدِّي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَليّ ابْن أَبِي طَالِبٍ ﵁، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " مَا مِنْ مَلِكٍ يَصِلُ ذَا قَرَابَتِهِ وَيَعْدِلُ عَلَى رَعِيَّتِهِ إِلا شَدَّ اللَّهُ مُلْكَهُ، وَأَجْزَلَ لَهُ ثَوَابَهُ وَأَكْرَمَ مَآبَهُ وَخَفَّفَ حِسَابَهُ ".
1 / 35