ثم قال: وأمر الخالق تبارك وتعالى الملائكة أن يعملوا للأنفس أبدانا تقبل الموت ويضيفوا إلى تلك الأبدان ما بقى من تلك الأنفس. وإن أولائك جعلوا أول خلقهم والأصل فيه أشياء أخذوها من النار والأرض والماء والهواء وأصطفوها من أجزاء العالم. ثم إنه بعد ذلك وصف الأشياء التى تعرض للنفس بسبب رباطها بالبدن ضرورة وما بالها فى أول رباطها تكون بلا عقل ولم صار العقل ثانيها بعد ذلك. ثم يجعل سبب الأمر الأول منها كثرة الرطوبة وسبب الأمر الثانى منها اليبس. ثم يقول: إن الخالق عز وجل أول ما خلق الإنسان قصد من أعضائه لخلق الرأس منه وجعل فيه من الدورين الإلاهيين، وبالجملة فإنه أدخل الإنسان إلا قليلا منه فى هذا العضو. وذلك أنه يقول: إن جميع الأعضاء إنما خلقت لخدمة الرأس، فأما الرجلان فللمشى وأما اليدان فللإمساك وأما العينان فللبصر. فيقول: إن ذلك يكون لجوهر نير مضئ يخرج من الحدقة ويتصل بالهواء المحيط بنا ويخالطه بمشاكلته ويتغير مثل وتغيره فنحس بالأشياء التى 〈من〉 خارج. وقد بينت هذا القول فى المقالة السابعة من كتابى «فى آراء بقراط وفلاطن» وأكثر من ذلك أيضا، وأحتج ببراهين حقيقية فى المقالة الثالثة عشرة من كتابى «فى البرها». إلا أن أفلاطن فى كتابه المسمى «طيماوس» تكلم أيضا فى الصور التى لا تظهر 〈إلا فى الأحلام وفى الصور التى تظهر〉 فى المرايا. وبين المنفعة التى ننالها من البصر والمنفعة التى ننالها من السمع، وقال: إن هذين جعلا لكون الفلسفة
[chapter 8]
صفحه ۱۲