وذلك أنى لما رأيت فى ذلك المريض علامات بينة تدل على البحران، ورأيت طبيعته متشوقة إلى استفراغ ما يؤذيها بالعرق، وليس يواتيها الأمر على حسب حركاتها، بحثت عن سبب تخلفها، فوجدت البيت الذى كان فيه المريض شديد البرد. فأمرت أن يوقد له الحطب الموافق له حتى يدفأ، فإذا سخن البيت سخونة كافية صب على بطن المريض دهن حار إلى أن يبتدئ به العرق. فإذا بدأ العرق أمسك عن صب الدهن، وعنى بتعاهد مسح العرق. وأمنتهم من الخوف من العرق وأعلمتهم أنه لا يمكن أن يأتى منه شىء كثير دفعة. وتقدمت إليهم إذا كف العرق أن يغذى المريض. فلما فعلوا ذلك عرق المريض على المكان وأقلعت عنها الحمى وخف عامة الورم الذى كان فى الجنبين مع العرق. وبقيت سنة بقية عالجتها حتى برأ منها البرء التام فى نحو من ثلاثة أيام أو أربعة.
ولو أن غيرى من الأطباء ممن ليس يعنى بتقدمة المعرفة تولى أمر هذا المريض، كان سيصب على رأسه خلا مع دهن ورد بارد، أو غيره مما أشبهه، فكان يقتله لكن أبقراط لما أن قال «إن ما ينبغى أن يستفرغ، فينبغى أن يستفرغ من الناحية التى يميل إليها بالموضع الذى ينبغى استفراغه منها»، قد علمنا أنه ينبغى لنا أن نداوى ميل الفضول إلى ناحية الجلد بالعرق.
صفحه ۸۴