جابن البوقي ولد سنة بضع وستمائة بقرية طوفي من أعمال صرصر قرية تبعد عن بغداد بفرسخين. وتوفي في رجب سنة ست عشرة وسبعمائة في بلد الخليل، وله تفسير يسمى بالإشارات الإلهية والمباحث الأصولية، ليس له في بابه نظير؛ قاله في طبقات الحنابلة وقال في «الشذرات»: إنه الحنبلي الأصولي المتفنن، دخل بغداد فحفظ المحرر في الفقه وقرأ العربية والأصول والفرائض والمنطق جالس فضلاء بغداد وحصل منهم فنونًا وسمع منهم الحديث وسافر إلى دمشق وسمع بها الحديث ولقي الشيخ ابا العباس أحمد بن تيمية وغيره ثم سافر إلى مصر فسمع بها الحديث وقرأ على أبي حيان مختصره لكتاب سيبويه وحج وجاور بالحرمين وقرأ بهما كثيرًا من الكتب وأقام بالقاهرة مدة، وصنف تصانيف كثيرة منها: الإكسير في قواعد التفسير وشرح مقامات الحريري - في مجلدات، وغير ذلك. قيل: وكان مع ذلك كله شيعيًا حتى أنه قال في نفسه: أشعرى حنبلي رافضي هذه إحدى العبر (١)؛ حتى أنه صنف كتابًا سماه العذاب الواصب على أرواح النواصب وقد حبس وطيف به لأجل ذلك، ثم سافر إلى الجح وجاور ثم تزل إلى الشام. وتوفي في بلد الخليل ﵇ انتهى ملخصًا.
وإنما ذكرته لشهرة أقواله والإطلاع على غريب حاله؛ وإلا فهو ليس من تلامذة الشيخ المختصين بل من جملة الملاقين الآخذين. والله سبحانه أعلم بحقائق الأمم الغابرين الناقلين.
_________
(١) قوله أشعري.. إلخ «هكذا بالأصل الذي بأيدينا. والظاهر أنه بيت شعر، واستقامة وزنه هكذا:
أشعري وحنبلي وكذا ... رافضي هذه إحدى العبر
فليحرر. اهـ مصححه» . (هـ. ص)
1 / 50