قلت: وسيأتي إن شاء الله تعالى في كتابنا هذا ما حرره الشيخ ابن تيمية للشيخ نصر المنبجي وما يتعلق بالقاضي السبكي عليهم الرحمة.
ونقل الإمام العسقلاني أيضًا عن الحافظ الذهبي أنه قال: حضر عند شيخنا أبو حيان المفسر فقال: ما رأت عيناي مثل هذا الرجل! ثم مدحه بأبيات ذكر أنه نظمها بديهة وأنشده إياها وهي: [بسيط] .
لما أتانا تقي الدين لاح لنا ... داع إلى الله فرد ماله وزر
على محياه من سيما الألى صحبوا ... خير البرية نور دونه القمر
حبر تسربل منه دهره حبرًا ... بحر تقاذف من أمواجه الدرر
قام ابن تيمية في نصر شرعتنا ... مقام سيد تيم إذ مصت مضر
وأظهر الحق إذ آثاره اندرست ... وأخمد الشر إذ طارت له شرر
يا من يحدث عن علم الكتاب أصخ ... هذا الإمام الذي قد كان ينتظر
يشير بهذا إن أنه المجدد - وقد صرح بذلك أيضًا العماد الواسطى - ثم دار بينهما كلام فجرى ذكر سيبويه فأغلظ الشيخ ابن تيمية القول في سيبويه، فناظره أبو حيان بسببه ثم عاد ذامًا له، وصير ذلك ذنبًا لا يغتفر.
ويقال: إن ابن تيمية قال له: ما كان سيبويه نبي النحو ولا معصومًا، بل أخطأ في الكتاب في ثمانين موضعًا ما تفهمها أنت. فكان ذلك سبب مقاطعته إياه. وذكره في تفسيره «البحر» بكل سوء، وكذا في مختصره «النهر» اهـ.
وقد ترجمته علماء المذاهبا المعاصرون له وغيرهم بتراجم مفصلة، وأثنوا عليه بالثناء الحسن، وذكروا له كرمات عديدة، ومواظبة على الطاعات والبعادات وتجنبًا عن البدع، وشدة اتباع للسنن وطريقة السلف الصالح. وأنه لم يتزوج حتى مات.
وكان أبيض اللون أسود الرأس واللحية، قليل الشيب، شعره إلى
1 / 25