جاحظ: ائمه ادب (جلد اول)
الجاحظ: أئمة الأدب (الجزء الأول)
ژانرها
ولا بد من الإشارة إلى أن المعتزلة من أكثر الفرق الإسلامية تحكيما للعقل واطلاعا على الفلسفة ، وقد وافقوا الفلاسفة في بعض مسائل التوحيد.
الجاحظية
وافترقت المعتزلة إلى فرق عديدة تربو على العشرين، منها الجاحظية، وهم أصحاب الجاحظ. قال الشهرستاني: طالع الجاحظ كثيرا من كتب الفلاسفة، وخلط وروج بعباراته البليغة وحسن براعته اللطيفة، وانفرد بمسائل، منها قوله: إن المعارف كلها طباع، وليس شيء من ذلك من أفعال العباد، وليس للعباد كسب سوى الإرادة. وقال بإثبات الطبائع للأجسام كما قال الطبيعيون من الفلاسفة، وقال باستحالة عدم الجواهر؛ فالأعراض تتبدل والجوهر لا يجوز أن يفنى. ومنها قوله في أهل النار إنهم لا يخلدون فيها عذابا، بل يصيرون إلى طبيعة النار. وكان يقول النار تجذب أهلها إلى نفسها دون أن يدخل أحد فيها.
ومذهبه مذهب الفلاسفة في نفي الصفات. وفي إثبات القدر خيره وشره من العبد مذهب المعتزلة.
وقال إن الخلق كلهم من العقلاء عالمون بأن الله تعالى خالقهم، وعارفون بأنهم محتاجون إلى النبي، وهم محجوجون بمعرفتهم، ثم هم صنفان: عالم بالتوحيد وجاهل به؛ فالجاهل معذور والعالم محجوج.
وحكى ابن الرواندي عنه أن القرآن جسد يجوز أن يقلب مرة رجلا ومرة حيوانا.
ثم قال: ومذهب الجاحظ هو بعينه مذهب الفلاسفة، إلا أن الميل منه ومن أصحابه إلى الطبيعيين منهم أكثر منه إلى الإلهيين.
سعة علمه وجلالة قدره
ما رزقت العربية كاتبا أكثر علما وأوسع مادة وأجمع لأنواع العلوم، معقولها ومنقولها، من الجاحظ. ولقد مر بنا أنه أدرك طائفة من أئمة الأدب وأخذ عنهم، كما أخذ الكلام عن النظام، أحد أئمة المعتزلة، وأكثر من مطالعة كتب الفلسفة. قال أبو هفان: لم أر قط ولا سمعت من أحب الكتب والعلوم أكثر من الجاحظ، فإنه لم يقع بيده كتاب قط إلا استوفى قراءته كائنا ما كان، حتى إنه كان يكتري دكاكين الوراقين ويبيت فيها للنظر.
وذكر ابن عساكر أن الجاحظ حدث عن حجاج بن محمد، والقاضي أبي يوسف، وثمامة بن أشرس النميري؛ وروى عنه أبو سعيد الحسن بن علي العدوي، وأبو بكر عبد الله بن أبي دواد، ودعامة بن الجهم، وأبو العباس محمد بن يزيد المبرد، ويموت بن المزرع، وأبو العيناء محمد بن القاسم، وأبو دلف هاشم بن محمد الخزاعي.
صفحه نامشخص