اضهار العصر لأسرار أهل العصر
Izhar al-ʿAsr li-Asrar Ahl al-ʿAsr
ژانرها
وكان القاضي كاتب السر كثير الصيام في أيام الحر الطوال على ضعف بدنه، وكان رحيما بعباد الله، لين الجانب، ومع ذلك فما رفعت إليه قضية أمر بمعروف إلا اشتد معي فيه اشتداد الأسد، وكان مع حلمه ودماثة أخلاقه مؤتى له يعمل له من أموره على أشد حال، وهو في غاية السكون، ما يعجز غيره عن عمله، بغاية الفرعنة، مأكوله أحسن من مأكولهم، ومشروبه أعذب من مشروبهم، وملبسه أبهج من ملبسهم، وأصحابه رؤوس الناس وأعيانهم وغررهم، ومن وسم في بيته بميسم، وسم به عند غيره، وكان عنده من الكتب، ما لم يفرح به أحد من أهل عصره، جودة، وكثرة، وحسن خطوط، حتى إنها بيعت في تركته بستة آلاف دينار ونيف وخمسين، منها نسخة من القاموس، بنحو مائة وخمسين دينارا، ونسخة من الكشاف بأكثر من ذلك، ونسخة من شرح قاضي القضاة ابن حجر للبخاري، بزيادة على مائتين وخمسين دينارا، وكان لا يرد أحدا استعار منها شيئا، ومن استعار شيئا لم يطلبه به ما لم يطلبه غيره، أو تدعوه إليه ضرورة أكيدة، فكان لذلك كثير الحساد، فلم يزالوا يصوبون إليه سهام مكرهم حتى قتلوه غما قتلهم الله، على أنه ليس منهم أحد سر بموته، لمعرفته أنه أمن من شره، وأنه لو قدر على أن يقتله ما شاكه بشوكة، فضلا عن أكبر منها، رحمه الله وأكرم نزله ومثواه. [رثاه] ابن زغدان التونسي بقوله: لعمرك إن الدهر كان
بزينة محاسنه يبدو..
وكان جوادا ما الذي عاق جوده
كأن بني الإحسان جادوا لحاله ام الجود أمسى .. زماننا
فأصبح في نقص لفقد كماله
موت الشيخ عمر الطوخي:
صفحه ۱۹۱