أجاب الفارس: «قد تكون مسنا، ولكن العار من نصيب هؤلاء الحمقى الذين تركوك تشيب على الربا والاحتيال. قد تكون ضعيفا، ولكن متى كان ليهودي قلب أو يد؟ ولكنك معروف بالثراء.»
قال اليهودي: «أقسم لك أيها الفارس النبيل بكل ما أومن به، وبكل ما نؤمن به سويا ...»
قال النورماندي مقاطعا له: «لا تقسم حانثا، ولا تجعل عنادك يحكم عليك بالهلاك، حتى ترى وتعي جيدا المصير الذي ينتظرك. أقسم لك بما لا تؤمن به، بالإنجيل الذي تعلمه لنا كنيستنا، وبالسلطات المطلقة التي منحت لها للتحريم والإباحة، إن غرضي أكيد وقاطع.»
أشار مجددا لخادميه بأن يقتربا، وتحدث معهما على انفراد بلغتهما. أخرج العربيان مقدارا من الفحم ومنفاخا وقارورة زيت. وبينما كان أحدهما يشعل نارا بصوان وفولاذ، أعد الآخر الفحم في المدفأة الصدئة الضخمة التي سبق أن ذكرناها، واستخدم المنفاخ حتى استحال اللهب إلى وهج أحمر.
قال فرونت دي بوف: «أترى يا إيزاك صف قضبان الحديد فوق ذلك الفحم المتقد؟ سترقد على تلك الأريكة الدافئة عاريا من ثيابك، وكأنك مستلق على سرير من الريش. سيبقي أحد هذين الخادمين على النار متقدة من تحتك، بينما يدهن الآخر أطرافك الحقيرة بالزيت حتى لا يحترق الشواء. والآن، فلتختر بين سرير من لهب وبين أن تدفع ألف رطل من الفضة؛ لأنك بحق رأس أبي ليس أمامك خيار آخر.»
صاح اليهودي البائس: «هذا محال، محال أن يكون غرضك حقيقيا! فرب الطبيعة الطيب لم يخلق قط قلبا قادرا على عمل بمثل هذه الوحشية!»
قال فرونت دي بوف: «لا تكن متيقنا من ذلك يا إيزاك؛ فهذا خطأ قاتل. أتظن أنني، أنا الذي رأيت بلدة تنهب وتدمر، ويهلك فيها آلاف من بني جلدتي من المسيحيين بالسيف وبالفيضان وبالنار، سأتراجع عن غرضي من أجل هتافات أو صرخات يهودي واحد حقير؟ كن عاقلا أيها الرجل المسن، وافتد نفسك بجزء من ثروتك الزائدة عن الحاجة بأن تعيد إلى مسيحي جزءا مما اكتسبته بالربا الذي مارسته على أولئك الذين من دينه. أقول لك ادفع فديتك، وابتهج بأنه يمكنك بمثل هذا المبلغ أن تحرر نفسك من زنزانة لم يبق على قيد الحياة ليروي أسرارها إلا القليلون. لن أضيع مزيدا من الكلام معك، فلتختر بين أموالك الخبيثة وبين لحمك ودمك، وأيهما تختار سيكون مصيرك.»
قال إيزاك: «إذن فليساعدني إبراهيم ويعقوب وجميع آباء قومي. لا يمكنني الاختيار؛ لأنه ليس لدي وسيلة تحقيق طلبك الباهظ!»
قال الفارس: «فلتمسكا به ولتنزعا عنه ثيابه أيها العبدان، وليساعده آباء بني جنسه إن استطاعوا.»
الفصل الثامن عشر
صفحه نامشخص