أجاب الناسك: «يسهل الوصول إلى الطريق. المسار من الغابة يقود إلى مستنقع، ومنه إلى مخاضة يمكن الآن عبورها بما أن الأمطار قد توقفت. بعدما تعبر المخاضة، انتبه إلى موطئ قدميك إلى الضفة اليسرى لأنها منحدرة بعض الشيء، وقد انهار المسار المعلق فوق النهر مؤخرا، حسبما سمعت (إذ نادرا ما أترك كنيستي)، في عدة أماكن. بعد ذلك تابع السير في خط مستقيم ...»
قاطعه الفارس قائلا: «مسار منهار، ومنحدر، ومخاضة، ومستنقع! أيها السيد الناسك، لو كنت أقدس من أطلق لحيته أو أمسك بمسبحة، فلن تقنعني بأن أسلك هذا الطريق الليلة. إما أن تفتح لي الباب بسرعة أو، بحق الصليب، سأحطمه وأدخل بنفسي.»
رد الناسك: «أيها الصديق عابر السبيل، لا تكن لحوحا. إذا ألجأتني إلى أن أستخدم سلاحي المادي للدفاع عن نفسي فسيكون ذلك أشق عليك.»
في هذه اللحظة، أصبحت ضوضاء بعيدة لنباح وزمجرة، كان المسافر قد سمعها منذ حين، أكثر ارتفاعا وعنفا، وجعلت الفارس يظن أن الناسك، خوفا من تهديده له بأن يدخل عليه عنوة، قد استدعى الكلاب التي أصدرت هذا الصخب. ثار الفارس غضبا من ذلك، وضرب الباب بقوة بقدمه، لدرجة أن أعمدته ودعائمه اهتزت اهتزازا عنيفا.
عندئذ صاح الناسك عاليا: «الصبر، الصبر، وفر قوتك أيها المسافر الطيب، وسأفتح لك الباب على الفور، مع أن ذلك لن يسرك إلا قليلا.»
وهكذا فتح الباب، وظهر الناسك، الذي كان رجلا ضخما، قوي البنية، يلبس عباءة من الخيش وقلنسوة، ويحيط خصره بحبل من السمار، ووقف أمام الفارس، ولكن عندما سقط ضوء مشعله على شعر عنق الجواد النبيل ومهمازيه الذهبيين، اللذين وقف المسافر دونهما، دعاه لدخول كوخه، معتذرا عن عدم رغبته في فتح باب كوخه بعد غروب الشمس، بزعم كثرة اللصوص والخارجين عن القانون الذين كانوا في الخارج.
قال الفارس ناظرا حوله: «إن فقر صومعتك أيها الأب الصالح يبدو كفيلا بالدفاع عنها في مواجهة خطر اللصوص، ناهيك عن مساعدة كلبين محل ثقة، ويمتلكان من الضخامة والقوة ما يكفي، على ما أعتقد، لإسقاط أيل، وبالطبع الوقوف في وجه معظم الرجال.»
قال الناسك: «سمح لي حارس الغابة الطيب باستخدام هذين الكلبين؛ كي أحمي عزلتي حتى تتحسن الأحوال.»
بعد أن قال هذا ثبت مشعله في فرع ملتو من الحديد كان يستخدم حاملا للشموع، ووضع كرسيا على أحد جانبي الطاولة، مشيرا للفارس أن يفعل مثله على الجانب الآخر.
جلسا، وحدق كل منهما في الآخر بوقار شديد، وكان كل منهما يفكر بينه وبين نفسه أنه نادرا ما رأى أحدا أقوى بنية وأشد عودا من الجالس أمامه.
صفحه نامشخص