دون أن يرفع قلنسوته أو يظهر أي تبجيل للقداسة المزعومة للأثر، انتزع الفارس من عنقه سلسلة ذهبية ورماها على الطاولة، قائلا: «ليحتفظ رئيس الدير آيمر برهينتي وبرهينة هذا المتجول المجهول الاسم؛ دليلا على أنه عندما يأتي الفارس إيفانهو ويصبح داخل حدود بحار بريطانيا الأربعة، فإنه سيخضع لتحدي براين دي بوا جيلبرت، وإن رفض التحدي فسأعلن أنه جبان على جدران جميع أديرة الهيكل في أوروبا.»
قالت الليدي روينا قاطعة صمتها: «لن تكون ثمة حاجة إلى ذلك؛ فسأعلو بصوتي، إن لم يرفع أحد غيري في هذه القاعة صوته نيابة عن إيفانهو الغائب. أؤكد أنه سيقبل كل تحد مبجل بنزاهة. إن كان تعهدي الضعيف سيضيف ضمانا لرهن الحاج المقدس الذي لا يقدر بثمن، فإنني أتعهد باسمي وسمعتي أن إيفانهو سيواجه هذا الفارس المختال المواجهة التي يبغيها.»
حينئذ كانت كأس النعمة تدار على الضيوف، الذين - بعد انحناءات عميقة للمالك والليدي روينا - نهضوا مختلطين بعضهم ببعض في القاعة، بينما انصرف رأسا العائلة مع خدمهما من بابين منفصلين.
قال فارس الهيكل لإيزاك اليهودي عندما مر عليه بين الحشد: «أيها الكلب الكافر، ألن تمر في طريقك على المباراة؟»
رد إيزاك وهو منحن في مذلة شديدة: «أنوي ذلك بالفعل ، إن سمحت بسالتكم المبجلة.»
قال الفارس: «أجل؛ كي تنهش أحشاء نبلائنا بالربا، وتخدع النساء والصبيان بالزينة والألعاب. أراهن على أن معك مخزونا من الشيكلات في كيس نقودك اليهودي.»
قال اليهودي شابكا يديه: «ليس معي شيكل واحد أو بنس فضي أو نصف بنس. ليكن إله إبراهيم في عوني! فلن أذهب إلا طالبا للمساعدة من بعض إخوتي من بني جنسي ليعاونوني على دفع الغرامة التي فرضها علي بيت مال اليهود. ساعدني يا أبانا يعقوب! أنا صعلوك فقير.»
ابتسم فارس الهيكل ابتسامة مريرة وهو يرد عليه قائلا: «اللعنة عليك أيها الكاذب المنافق!» ثم مضى في طريقه كما لو كان يترفع عن الاستمرار في الحديث معه، وأخذ يتحدث مع عبيده المسلمين بلغة غير معروفة للمحيطين بهم.
الفصل الرابع
بينما كان الحاج يسير، ومعه خادم يضيء له المكان بمشعل، عبر التركيبة المعقدة لغرف هذا المنزل الكبير غير العادي، قابل وصيفة روينا التي كانت في انتظاره، والتي قالت له إن سيدتها ترغب في الحديث معه، وأخذت المشعل من يد آنولد وطلبت منه أن ينتظرها حتى تعود، مشيرة إلى الحاج أن يتبعها. قاده ممر قصير إلى غرفة الليدي روينا؛ حيث كانت الجدران مغطاة بمعلقات مطرزة، وكان السرير محلى بنسيج مزدان بالرسوم والصور، ومحاط بستائر مصبوغة باللون الأرجواني. كانت المقاعد كذلك مغطاة بأقمشة مصبوغة، وكان أحدها الذي كان أعلى من البقية معدا للراحة بمسند قدمين من العاج المنقوش بإبداع.
صفحه نامشخص