في غير انتباه لهذا التحذير، أبقى براين دي بوا جيلبرت عينيه مثبتتين على الجميلة الساكسونية. كانت روينا تتمتع بملامح هي الأبهى من بين بنات جنسها، وكانت طويلة القامة، وذات بشرة ناصعة البياض، ولكن رأسها وقسماتها اللذين غلب عليهما أسلوب النبلاء قد أزالا عن حسنها أن يكون بلا طعم مثلما تتسم أحيانا الفتيات الفائقات الجمال. وكانت عيناها الزرقاوان الصافيتان تبدوان قادرتين على إشعال النار وإخمادها، وعلى الأمر والنهي واستدرار العطف في الآن نفسه. أما شعرها الغزير، فقد كان لونه بين البني والكتاني، وكان مصففا بطريقة غريبة ورشيقة إلى عدة حلقات، مكونا قطعة فنية أسهمت فيها الطبيعة، وكانت خصلاته مزينة بأحجار كريمة، ولما كانت مسترسلة على طولها برز أصلها النبيل والحر. وكانت ترتدي قميصا طويلا، وفوقه سترة من الحرير بلون البحر الأخضر الباهت، وفوقهما أسدلت ثوبا فضفاضا طويلا قرمزي اللون، وكان مثبتا بجزئه العلوي غطاء رأس من الحرير المجدول بالذهب.
عندما رأت روينا عيني فارس الهيكل لا تكفان عن التحديق فيها، سحبت غطاء رأسها في وقار وغطت به وجهها. لاحظ سيدريك الحركة وسببها، فقال: «سيدي الفارس، إن وجنات عذراواتنا الساكسونيات لم تر الشمس إلا بقدر قليل لا يسمح لهن بتحمل نظرة ثابتة من أحد الصليبيين.»
رد السيد براين: «إن كنت قد أسأت التصرف فعذرا، أو بالأحرى أقدم اعتذاري لليدي روينا؛ لأن تواضعي لن يحملني على الاعتذار لمن هو أدنى.»
قال رئيس الدير: «عاقبتنا الليدي روينا جميعا بتأديبها لصديقي على جرأته. آمل أن تكون أقل قسوة على الحشد الغفير الذي سيلتقي في المباراة.»
قال سيدريك: «إن ذهابنا إلى هناك غير مؤكد؛ فأنا لا أحب هذه التفاهات التي لم يعرفها آبائي عندما كانت إنجلترا حرة.»
قال رئيس الدير: «ومع ذلك لنأمل أن تجعلك صحبتنا تقرر الذهاب إلى هناك؛ فعندما تكون الطرق غير آمنة فإن رفقة السيد براين دي بوا جيلبرت أمر لا يستهان به.»
أجاب الساكسوني: «سيدي رئيس الدير، حيثما أذهب في هذه الأرض فإنني حتى يومنا هذا أجد نفسي في غير حاجة إلى عون من أحد؛ بمساعدة سيفي الجيد وأتباعي المخلصين. سأشرب في صحتك يا سيدي رئيس الدير كأس النبيذ هذه، وأنا واثق من أن مذاقه سيلقى قبولك، وأشكرك على لطفك.»
قال القس: «في ديرنا فقط نتقيد بالحليب المحلى، أما عندما نتعامل مع العالم الخارجي فنحن نتبع طريقته في الحياة؛ لذلك سأقبل نخب نبيذك القوي.»
قال الفارس وهو يملأ قدحه: «وأنا سأشرب نخب الجميلة روينا؛ لأنه منذ أدخلت سميتها الكلمة إلى إنجلترا لم تأت من هي أحق منها بهذا التقدير.»
قالت روينا بوقار ودون أن ترفع حجابها عن وجهها: «أنا في غنى عن مجاملتك أيها الفارس، ولكني سأطلب منك أن تنبئنا بآخر الأخبار من فلسطين.»
صفحه نامشخص