ایتحاف ابناء العصر
إتحاف أبناء العصر بتاريخ ملوك مصر
ژانرها
هو أبو النصر قانصوه، تولى السلطنة سنة 906ه، ولقب بالملك الأشرف فأقام 15 سنة، ولما اتفق العساكر على توليته اشترط معهم أن لا يقتلوه وإن رغبوا عزله انعزل. وكان جبارا كثير القتل والسفك، وله عدة مباني منها المنارة المعتبرة بالأزهر، والبستان تحت القلعة، والسبع سواقي لمجرى الماء من مصر العتيقة إلى القلعة، وعمر بعض أبراج الإسكندرية، وعمل بطريق الحج عدة خانات وآبار، وهو صاحب القبة الموجودة الآن بالبلدة التي سميت بها قرب المطرية، ومع ذلك فإنه كان كثير الطمع والظلم يأخذ أموال من يموت، ومماليكه يظلمون الناس، ووقعت بينه وبين السلطان «سليم الأول» من آل عثمان حروب بمرج دابق انهزم فيها الغوري ولم يعلم له حال، وسبب هذه الفتنة أنه رحب بأخيه كركود الذي كان ينازعه في الملك، ودخلت الشام من وقتئذ تحت حكم الدولة العلية، وقام السلطان سليم بالشام شهرا ثم رحل إلى مصر، فوجد عسكر مصر قد ولوا عليهم «طومان باي» ابن أخ «الغوري»، ووقع بينهم حروب كثيرة، ثم ذهب طومان باي إلى السلطان سليم طائعا، فقتله وأبقاه في باب زويلة مشنوقا ثلاثة أيام، ودفن بمدفن الغوري المشهور، وبموت طومان باي انتهت دولة الجراكسة.
الفصل الرابع عشر
مصر تحت حكم الدولة العثمانية المرة الأولى
أول من ملك مصر من بني عثمان هو السلطان سليم الأول، وذلك سنة 923ه/1530م. وكان ملكا شديد البأس مولعا بمطالعة التواريخ بليغا في اللغة الفارسية والرومية والعربية والتركية. وكان كثير السفك للدماء عظيم الكشف عن أحوال الملوك، وكان يتجسس بالليل والنهار متخفيا، ويطلع على الأخبار، وكان قد توجه لقتال العجم فلم يتمكن من بلادهم شدة التمكن بسبب انقطاع القوافل التي أعدها لتتبعه بمؤنة العساكر، فبلغه أن سببه سلطان مصر «قانصوه الغوري»؛ لأن بينه وبين إسماعيل شاه العجم مودة ومراسلات، فكان ذلك سببا في غزو بلاد مصر كما تقدم، وكان مقره بمصر في قلعة الروضة، وبني له كشك عند قاعة المقياس، وهو مشرف على النيل.
ولما أراد التوجه إلى الروم تقدم إليه خاير بك بمفاتيح البلد، فردها عليه وولاه عليها إلى أن يموت، فشاوره على أن أبناء الجراكسة يريدون الدخول في خدمة الدولة، فأجابه لطلبه وشاوره على إبقاء أوقاف الجراكسة، وهي نحو عشرة قراريط من أرض مصر ، فأبقاها على ما كانت عليه، فغضب وزيره، وقال: «أفنوا مالنا وعساكرنا وتبقى لهم أوقافهم يستعينون علينا بها؟!» فأمر السلطان سليم بضرب عنق الوزير، وقال: «عاهدناهم على أنهم إن مكنونا من بلادهم أبقيناهم عليها، وجعلناهم أمراءها. فهل يجوز لنا أن نخون العهد ونغدر؟ وإذا أدخلنا أبناءهم في حيزنا فهم أولاد مسلمين، وتأخذهم الغيرة على ديارهم، وأما أراضيهم فأصلها ملك الغانمين، ومنهم من وقف ومنهم من قامت ذريته من بعده. فهل يجوز أن ننازعهم في أملاكهم؟ وأنا أزلت الوزير كراهة أن يغير علي اعتقادي بتكرار كلامه.» وكانت مدة ولاية «خاير بك» سنتين ونصف تقريبا، ومن بعده أرسلت الدولة العلية نائبا من طرفها إلى سنة 1765م أي في زمن السلطان مصطفى الثالث، فإنه قطع إرسال النواب إلى مصر وولاها للمماليك البادي ذكرهم آنفا، بشرط أن يدفعوا نصف الأموال السلطانية إلى الأستانة العلية والنصف الثاني يصرف برسم المرتبات، وأقام بينهم أميرا لصدور الأوامر، فكانت المماليك تصرف الأموال على شهواتهم ويدعون أنهم يصرفونها على المصالح الميرية، وفي آخر العام يرسلون الدفتر مسددا عن يد الوزير المذكور الذي لم يكن في مصر إلا على سبيل الصورة فقط، وكانوا يظلمون الناس ولا يبالون في نجاح البلاد، وكان كبيرهم يسكن القاهرة ويلقبونه بشيخ البلد، ومع تمادي الأيام خرجوا عن طاعة الدولة العلية لما حكم كبيرهم «علي بك الكبير» الذي خطب على المنابر باسمه، واستمر العصيان إلى سنة 1798م الموافقة سنة 1213ه حين حضر الجنرال «بونابارت» وحاربهم وشتت شملهم.
الفصل الخامس عشر
الجيش الفرنساوي في مصر
وفي سنة 1798م هجمت الأمة الفرنساوية على مصر تحت قيادة الجنرال «بونابارت» بأربعين ألفا من العساكر الفرنساوية، فأولا ملكوا الإسكندرية، ثم نزلوا على مصر ووقع بينهم وبين المصريين وقائع شتى، فأول واقعة كانت عند الرحمانية، فهزمت الجيوش المصرية، والتجئوا إلى الجيزة، فاقتفى الفرنساويون أثرهم، والتقوا عند قرية وسيم فهزمهم الفرنساويون ثاني مرة، ففر «مراد بك» ومن معه من المماليك إلى الصعيد، وفر «إبراهيم بك» شيخ البلد ومن معه من المماليك إلى الشام، وبعد تمام نصرتهم دخلوا مصر ورتبوا الدواوين لتنصلح الأحوال، وأظهروا أنهم لا يظلمون أحدا ولا يتعرضون للرعية إلا بكل خير وأنهم مرسلون من طرف الدولة العلية، ولكن بعد يسير أظهروا ضد ما قالوه ونهبوا أمتعة المماليك ثم الأهالي وقتلوهم، وكذا قتلوا بكل قرية من قرى مصر من امتنع عن أداء ما فرض عليه من الأموال، وقد قتلوا كثيرا من العلماء عند دخولهم الجامع الأزهر، ونشروا الخزائن التي ظنوا أن بها أموالا، وأخذوا الكتب النفيسة التي بها، ونقلوها إلى باريس، وهي موجودة لغاية الآن بكتبخاناتهم، وربطوا خيولهم بالجامع الأزهر يوما وليلة، ثم توجه بونابرت إلى الشام، وقاتل بها «أحمد باشا الجزار»، ثم عاد إلى مصر وترك جزءا من جيشه لمحافظة العريش، ثم نهض لمقاومة «مصطفى باشا» بأبي قير حين حضوره من بلاد الترك، فهزمه وأخذه أسيرا وقتله، وبعد أن جمع الأموال وولى مكانه كليبر سرى عسكر جيشه وسافر إلى فرنسا.
وفي سنة 1214ه تحركت همة مولانا السلطان سليم الثالث، وجهز جيشا تحت قيادة يوسف باشا المعدني؛ لمقاتلة الفرنساوية بمصر وبصحبته العساكر الإنكليزية المتحدة مع هذه الدولة في هذه الحرب، ففتح منهم مدينة غزة، فطلبوا الصلح وأمهلهم أربعين يوما يجمعون فيها عساكرهم، فأجابهم لهذا الطلب، فجمعوا عساكرهم وخدعوه وغدروا به عند مدينة الخانكة فخاب أمله، ولما رجع الفرنساويون منعهم عن الدخول في القاهرة حسن بك الجداوي ومحمد بك الألفي وإبراهيم بك شيخ البلد والسيد أحمد المحروقي والسيد بيومي مكرم والشيخ الصاوي، فحاربهم الفرنساويون وهزموهم، وفي هذه الواقعة حرقوا بعض محلات باب الشعرية وبولاق. وصار كليبر ينهب أموال الأهالي، ويطلب منهم الطلبات الباهظة، فمن جملة طلبه من شيخ السادات سيدي محمد أبي الأنوار خزينة مال، فباع أمتعته هو ونساؤه فلم يف بنصف مطلوبه. وفي سنة 1215ه خرج رجل من مجاوري الشوام بالأزهر على كليبر وقتله في بستان البيت الذي بالأزبكية، فقبض على المجاور المذكور وصلبوه، وبعد زمن شرع الفرنساويون في تشييد السور من باب النصر إلى باب الحديد، وجعلوا جامع الحاكم وجامع الظاهر بيبرس قلعتين.
وفي سنة 1216ه وافتهم العساكر السلطانية والإنكليزية معا تحت قيادة بوهان باشا، ووقعت بينهم وقائع شتى، وأخيرا انتهت بالنصرة لبوهان باشا، وهزم الفرنساويين. فطلبوا الصلح فأمهلهم جملة أيام ونزلوا في مراكب، ودخلت العساكر الشاهانية والإنكليزية مصر منصورين، وكانت مدة تصرف الفرنساوية ثلاث سنين، ورجعت مصر لحوزة الدولة العلية ثانيا.
صفحه نامشخص