ایتحاف ابناء العصر
إتحاف أبناء العصر بتاريخ ملوك مصر
ژانرها
اعلم أن اللذين أسسا مدينة روما هما «رومولوس» و«ريموس»، من سلالة ملوك «ألب لالنغ» سنة 753ق.م، ووضعا هذه المدينة على نهر التبر، ثم جعلاها بعد ذلك تختا لملكهما، ثم قتل «رومولوس» أخاه «ريموس» وانفرد بالحكم، واشتغل بالجهاد والحروب مع من جاوره من الأمم لا سيما السابينيين، فإنه قتل رجالهم وسبى نساءهم وأدخلهم تحت طاعته، ثم قسم الأراضي بين رعاياه، وأسس مجلسا مكونا من مائة عضو، وسماه مجلس السناتو - أي مجلس الأعيان - ليقوم بخدمة المملكة، وقسم الأهالي ثلاثة أقسام؛ أشراف الناس، والشوالية، وهم اللذين يخرجون إلى الحرب بخيولهم. وفقراؤهم وعامتهم، ثم تجبر وتنمرد، فقتله أرباب المجلس، وأشاعوا أنه رفع إلى السماء، فعبدوه وسموه «كيرينوس»، وذلك سنة 716ق.م.
وبعد موت «رومولوس» بقي التخت بلا ملك نحو سنة، وكان الحكم في هذه الفترة لأعضاء المجلس، ثم اتفق أهل المدينة على تولية رجل يدعى «تومامبليوس» ملكا عليهم، فسار فيهم سيرا حسنا واجتهد في تهذيب أخلاقهم، ورتب لهم محافل دينية، وأسس طائفة الرهبان الوستالية - أي لعبادة الإله «وستا» - ومات بعد أن حكم 43 سنة، وذلك سنة 672ق.م ومن ملوك روما أيضا تركان الثاني الملقب بالتكبر، وهو السابع من ملوكهم، جلس هذا الملك على تخت المملكة قهرا عن أهل المدينة، حينما قتلت زوجته «توليا» أباها سيرويوس توليوس، ونفى رؤساء المجلس السناتو، وجعل معيته رجالا أغرابا، وجعل على الأهالي ضرائب مختلفة، فأذعنوا له وأدوها إليه، ثم إن ابنه سكستوس فحش بامرأة تسمى لوقريس، فقتلت نفسها، وأوصت زوجها أن يأخذ بثأرها، وعند ذلك بلغ نفور قلوب الأهالي منه منتهاه، فانتهز الفرصة نمونيوس بروطوس، وكان الملك «تركان» هذا قد قتل أباه وأخاه، فحرض أهل المدينة على العصيان وإشهار السلاح، ولم يكن الملك «تركان» وقتئذ بالمدينة، فأجمعوا على نفيه مع عائلته مدة حياته، وإبطال السلطنة الملوكية، ونشروا في ذلك قرارات، وذلك سنة 509ق.م. (2) تأسيس الجمهورية الرومانية
وبعد طرد «تركان» سنة 510ق.م وخروجه من المدينة شرعوا في تأسيس الحكم بكيفية جديدة، فأجمعوا على عقد جمعية من مشاور الفرق المئينية؛ لانتخاب حاكمين - أي قنصلين - لإجراء الأحكام العليا، فكانت سطوتهما كسطوة الملوك، إلا أنهما لا يحكمان إلا سنة واحدة، فوقع الانتخاب أولا على بروطوس وقللتان زوج لوقريس المذكورة، فلم يعد على الأمة من هذه التغيرات فائدة؛ لأنه بعد أن كان الظالم واحدا صار متعددا، وصار أهل المدينة حزبين أغراضهما مختلفة؛ أحدهما الأشراف، وغرضهم أن يكون الحكم لهم، والثاني الرعاع، ورغبتهم أن يكون لهم دخل في الحكم، ومكث تركان بعد طرده يحارب أهل المدينة مدة مديدة من الزمن فلم ينجح، وقيل إنه فتح المدينة لكن تركها لعصيان رعيته. (3) الشقاق الداخلي بين الرعاع والأشراف
لما صارت الحكومة جمهورية سطت يد القوي على الضعيف، وتجاهر بعض الأهالي بالعصيان، فحصل بروما نزاع عظيم بين رعاع الناس وأشرافهم؛ بسبب معاملة الأشراف لهم من شدة الظلم والصعوبة في الحكم، فخرجت الرعاع وتركت المدينة إلى جبل صغير مجاور لها يسمى الجبل المقدس، فلما شاهد ذلك مجلس السناتو التزم بأن ينتخب قاضيين يقومان بالمدافعة عن حقوقها؛ لأجل تهديد تلك الأمة، فصار بعد ذلك قاضيان نائبان عن الأمة، وصار الحكم في أيديهم يتزعزع كما كان في يدي مجلس السناتو، وانتهى أخيرا بتفريق الجمهورية وشطاطها، وبعد مضي زمن قليل قالوا على حسب ما بدا لهم من رأي العين أن لا يحكمان بالقوانين الموضوعة في الأصل إلا بعد إضافة بعض أحكام أخر لها، ولأجل نهي ذلك الأمر أرسلوا رسولين إلى مدينة أتينا لإحضار قوانين سولون، وعند رجوع الرسولين من تلك المأمورية كلف عشرة رجال من الأشراف بتحرير تلك القوانين، وأطلقوا عليهم «جمعية انتخاب القوانين»، فعملوا ما أمروا به، ولكن درجوا ما ليس هو مدون فيه من الظلم والعدوان، فقامت عليهم الأمة لما ظهر لها من ظلمهم وجورهم وطردوهم، وأما المسيو «أبيوس كوديوس» الذي كان فائقا في الظلم فكان عقابه الموت، وبعد ذلك حصل بين هاتين الأمتين معاهدات عظيمة، أهمها عقد الزواج بينهما، وبعد مضي 70 سنة حصل من أحد قضاة الأمة المسمى سيسينوس ستولون هيجان عظيم، بقوله إن القانون لا يجوز لأي وطني أن يستأجر أكثر من 500 فدان من الأراضي الميرية، ولا بد أن أحد القضاة يكون من أصاغر الناس - أي من عائلة فقيرة - فلم يقبل منه ذلك إلا بعد مضي عشر سنوات أي بعد انقطاع الشقاق الداخلي.
وفي سنة 366ق.م كان أول قاض في البلد هو سيكتيوس من أسافل الناس، وأخيرا فإن صحة أقوال ذلك القانون تم قبولها بواسطة رعاع الناس بشرط أن يستحقوا ألقاب الشرف أو رؤساء الديانة، وقد انقطع من وقتئذ الشقاق الداخلي من تلقاء نفسه الذي جعل روما منذ مدة مديدة في اضطراب عظيم، وتقدمت في فتوحاتها من ذلك الوقت تقدما لا يدرك العقل سبيل كنهه. (4) إغارة الغول على روما سنة 390ق.م
ولما كانت الحرب عند الرومانيين من أعظم الوسائل لاتساع مملكتهم، تقدم عندهم هذا الفن واشتهروا به، وحيث كانت مصاريف الحرب في أول الأمر على الأهالي فكانت أيامه قصيرة، وكانوا إذا مضى عليهم في الحرب عشرون أو ثلاثون يوما قعدوا عنه وانصرفوا لأشغالهم، فأشار مجلس السناتو بترتيب ماهية للعساكر، فقبلت الأهالي منه ذلك وعدوه إحسانا، وفي ذلك الوقت ابتدأت شوكة الجمهورية في الظهور لدوام جيوشها تحت السلاح، ولولا الوسائل التي بها حجز الرؤساء العسكرية تحت السلاح لما نجحوا في واقعة مدينة «وييس» التي مكثوا في محاصرتها عشر سنين، وكان الفخر في هذه المدينة التي هي قرينة مدينة روما لكاميل - أحد الجنرالات الرومانية - وذلك قبل المسيح بنحو 405 سنة، فكوفئ هذا الرجل الشهير بالنفي؛ لأنه اتهم ظلما وعدوانا بإخفاء جزء من الأموال المغتنمة من المدينة المذكورة، فلما حكم عليه بالنفي ذهب إلى الأدرياتيين وأقام عندهم، وفي ذلك الوقت هجم جيش عظيم من الغول - وهم قدماء الفرنساويين - كان عبر جبال الألب تحت قيادة «برينوس» وأتلف كل ما مر به، وأفنى الجيش الروماني قريبا من نهر الأليا، ودخل روما وكان قد تركها أهلها، وحرقت المدينة، وذلك سنة 390ق.م، وكان مانيليوس في ذلك الوقت انضم إلى بعض الشبان الرومانيين وتحصن معهم في قلعة الكابيتول، فسد الغول طرقها ومسالكها وضيقوا عليهم، ودفعهم مانيليوس مرارا، فلما بلغ كاميل ما حل بأهل وطنه نسي ما كان وقع منهم في حقه من الإساءة، وخرج من عند الأدرياتيين لمساعدة وطنه، فقلده مجلس السناتو برتبة الدكتاتورية - ولي الأمر المنفرد بالحكم - فقيل إنه حاربهم وقطع دابرهم ولم يبق منهم من يبلغ خبرهم لأهل وطنه، فكان كاميل ومانيليوس هما اللذان أنقذا وطنهما من الغول إلا أن طمع مانيليوس كان سببا في إلقائه من أعلى قلعة الكابيتول. (5) الحروب القصصية (5-1) الحرب الأولى
قد ذكرنا فيما تقدم أن قرطاجة قد أسسها جملة من المهاجرين الصوريين سنة 869ق.م، وكان الرومانيون قد عقدوا جملة معاهدات تحالفية وتجارية مع أهل قرطاجة، ثم إن كلا من هاتين الأمتين كان متطلبا الاستيلاء على جزيرة سيسيليا، فصار ذلك منشأ لوقوع الشقاق بينهما، فلما استولى المامرتينيون على مدينة مسينا وهي إحدى مدن تلك الجزيرة، حاربهم هيرون ملك سيراقوزة «بالجزيرة عنها»، فأتى القرطاجيون وأعانوهم عليه، إلا أن المامرتينيين لخوفهم من عدوهم هيرون المذكور وغدر القرطاجيين لهم دخلوا في حماية روما، وفي سنة 264ق.م ذهب القنصل أوبيوس قلوديوس إلى سيسيليا وكسر القرطاجيين والملك هيرون، فتعصب الفريقان على روما، فاقتضى الحال محاربة الرومانيين مدينة قرطاجة التي كانت لها الشوكة القوية والمكانة العلية عند من جاورها من الأمم لا سيما الملاحة، ولم يكن للرومانيين وقتئذ قوة بحرية فصنعوا مراكب حربية، وتولى القنصل دويليوس قيادة الدونانمة الجديدة وفاز بنصرة عظيمة على القرطاجيين، وهذه أول واقعة بحرية حصلت من الرومانيين وانتصروا فيها، واستولوا على جزيرتي قورسة وسردينيا.
وبعد ذلك توجه أحد الجنرالات الرومانية المدعو ريجولوس مع جيش إلى قرطاجة، إلا أن كزنتيب اللقديمونياني الذي كان قد أتى لمساعدة المدينة المذكورة هجم على ريجولوس وكسره وأخذه أسيرا، ووضعه في الحديد، واستمرت الحرب إلا أنها كانت متراخية ودولا بينهم، وقيل إن القرطاجيين عذبوا ريجولوس عذابا شديدا حتى مات، ثم فاز الرومانيون بنصرة عظيمة قريبا من جزائر أغاتة تحت قيادة القنصل لوتاسيوس سنة 242ق.م، والتزم القرطاجيون بدفع جزية سنوية لروما، وهذا هو الحرب الأول القصصي الذي مكث مدة 22 سنة. (5-2) الحرب الثانية
وذكر أنيبال وكورنيليوس سيبيون
واستمر القرطاجيون يدفعون الجزية للرومانيين إلى أن نشأ فيهم أنيبال أحد جنرالاتها وقتئذ عدوا للرومانيين، فحرض أهل بلاده على حربهم، فشرعوا في محاربة ساجونتا إحدى مدن إسبانيا، وكانت هذه المدينة حليفة روما، فحرقها أنيبال وصيرها رمادا، واجتاز جبال بيرينية ونهر الرون وجبال الألب وذلك سنة 218ق.م، فهزم ثلاثة جيوش رومانية، وأعظم هذه الوقائع وقعة «كانه» سنة 217ق.م، فقتل فيها القنصل إيمليوس 70000 من العساكر الرومانية، إلا أن هذه الواقعة أفقدت القرطاجيين عساكر كثيرة، فذهب بعد ذلك إلى جهة «كابو» التابعة لبلاد قبانية، فلينت لذات الجهة المذكورة طباع عساكره، فنسي الرومانيون الشقاق الداخلي، وجمعوا جيوشا جديدة، وصار بذلك إنقاذ روما، وفي أثناء ذلك الوقت فتح مارسيلوس مدينة سيراقوزة سنة 212ق.م، واشتهر سيبيون في إسبانيا، وطرد القرطاجيين من شبه جزيرة إسبانيا، ولما عاد إلى روما أراد التوجه والهجوم على أفريقا فقبل منه المجلس، وفي السنة الثانية أزعج قرطاجة بجيشه المهول ، فدعت من إيطاليا أنيبال لمعاونتها، إلا أنه كان لم يتيسر لأحد مقاومة هذا الشهم الروماني، فهزم أنيبال في «أودية زاما» سنة 202، ولما غلب أنيبال ومن معه نصح أهالي مدينته بقبولهم الصلح من عدوهم؛ حيث لم يتيسر لهم غلبة بعد ذلك، وأما أنيبال فإنه خرج من بلده وذهب يبحث في غير تلك البلاد على من يكون عدوا للرومانيين، أما قرطاجة فضرب عليها الجزية، وهذا هو الحرب الثاني القصصي.
صفحه نامشخص