ایتحاف ابناء العصر
إتحاف أبناء العصر بتاريخ ملوك مصر
ژانرها
ولما رأى أرتخشيارش الأول ملك الفرس أن مملكته قد ضعفت في الحروب الكثيرة المستطيلة اضطر إلى أن يطلب الصلح، فأجابه سيمون (رئيس في أتينا) إلى ذلك تحت شروط ثلاثة، وهي أولا: أن يرفع يده عن ممالك اليونان الموجودة بآسيا فتكون ممالك مستقلة بذاتها. ثانيا: أن يمنع سفنه عن السير في بحر الأرخبيل. ثالثا: أن لا تتجاوز عساكره أكثر من ثلاثة أميال ضمن حدود النزل اليونانية. (2-2) عصر بريكليس
أما سيمون فلم يتمتع بثمرة أعماله العظيمة؛ إذ توفي من جرح أصابه في حصار جزيرة قبرص سنة 449ق.م، فبقي بريكليس رئيسا في أتينا بعد موت سيمون مدة عشرين سنة، واهتم كثيرا بتحصينها وترتيبها، وفي عصره بلغ أهل أتينا الدرجة القصوى في الصنائع والفنون ومعامل البناء، لا سيما بالنقش والتصوير، واشتهرت بالمعارف والعلوم. (2-3) حرب المورة
لما وقعت الحرب بين مملكة كورنته وجزيرة قرسيرا المسماة الآن قرقوس، حرض بريكليس الأتينيين على مساعدة أهل قرسيرا، فحسب ذلك الإسبارطيون نقضا للعهد الذي أقيم بين ممالك اليونان، فانشبكوا جميعا في حروب شديدة، فكان من الجهة الواحدة إسبارطة وكورنته وجميع ممالك المورة إلى أرغوس وأكثر الممالك الشمالية، ومن جهة أخرى أتينا وتساليا وبعض جزائر الأرخبيل. وكان عدد جيش إسبارطة 60000 مقاتل تحت أمر أرخداموس ملكهم، وعدد جيش أتينا 32000، لكنها فاقت على إسبارطة كثيرا بقوتها البحرية، ومكثت هذه الحروب 28 سنة، تارة انتصرت أتينا وتارة إسبارطة. وكان في السنة الثامنة والعشرين رئيس جيش إسبارطة رجلا يدعى ليساندر، فانتصر على الأتينيين في واقعة بحرية، وحاصر مدينة أتينا برا وبحرا حتى سلمت له، وصارت أتينا تحت حكم إسبارطة، وأما ليساندر فأبطل الحكم الجمهوري من أتينا، وجعل مكانه ثلاثين رئيسا تحت أمر حكومة إسبارطة الذين ظلموا الأتينيين ظلما شديدا، وقتلوا منهم في مدة ثمانية شهور 1500 نفس، ثم قام عليهم الأتينيون وطردوهم، ورجعوا الحكم الجمهوري، وفي هذا العصر ظهر سقراط أشهر فلاسفة اليونان، وكان يعلم بوجود إله واحد سبحانه وتعالى.
وفي آخر زمان حرب المورة توفي دارا نوطيس ملك فارس، وخلفه ابنه أرتخشيارش منيمون الثاني، وكان له أخ اسمه قيروش الذي حسب وصية أبيهما تولى على ليديا والولايات المجاورة لها، فقام قيروش هذا على أخيه قاصدا عزله عن الملك، فأخذ عشرة آلاف من عساكر اليونانيين تحت أمر كليارخوس رجل من إسبارطة، فانتصر أرتخشيارش عليهم في واقعة بقرب من مدينة بابل، وقتل قيروش، وتسمى هذه الواقعة بواقعة «كونا كزه»، ثم مكر ملك الفرس بكليارخوس وقتله، وبعد ذلك انتخب اليونانيون «كسينيفون» رئيسا عليهم، وأخذوا في الرجوع إلى بلادهم، وقاسوا مشقات كثيرة من البرد والجوع إلى أن وصلوا البحر الأسود ووصلوا مدينة «طرابزون» التي كانت أحد نزل اليونان، وسميت هذه الحادثة برجوع العشرة آلاف.
واعلم أن تجريدة العشرة آلاف هي إحدى الحوادث العظيمة القدر والشهرة التي حفظها التاريخ منذ الأزمان الغابرة، نظرا لها ولنتائجها؛ فإن شهامة اليونانيين في أواخر القرن الخامس وأوائل الرابع قبل الميلاد قد ظهرت مظهر الفخار، وكانت محط التعجب أكثر من غيرها؛ حيث كانت الجنود المؤلفة منها هذه التجريدة جنودا مجمكة من أقوام ذوي شراهة ومحبي السلب والنهب، غير أنهم وصفوا بالبأس الصادق وقوة العزم والاقتدار على تتبع مقصدهم ولو بالقتال. فيا لها من خصال عجيبة! وزد على ذلك ما اشتهروا به من النظام وفن تصفيف الصفوف العسكرية اللذين فاقوا بهما معاصريهم كافة عامة ، ولهذه الفرقة أيضا مزية لا تقدر هي علم بأصول الحرب لا يقتصر على القواد، بل للضباط أيضا اليد الطولى فيه، وعدم الزيغ عن طريق مستقيم إذا حل بهم الخطب أو نزل ما لم يكن على بالهم، وقصارى الكلام أن الشعائر الدينية بقت فيهم معززة السلطان حتى حين المجازفة وقطع الطريق؛ فهي كانت لهم مصدر وثوق وحماسة، فكان رؤساؤهم لا يشرعون في زحف ولا ينشبون أقل حرب قبل أن يؤكدوا أن الآلهة عنهم راضون، فلو أن أمة عندها جيش من هؤلاء الأقوام - ولو قل عدده - لن تجد أمة في المشرق قاطبة تقاومها، ولن تجد في المغرب غير الرومانيين، فإنهم هم الذين ربما أوقفوا سيرها، وإن تجريدة اليونانيين الذين كانوا في خدمة قيروش استلفتت أنظار اليونان ووجهت أطماع المغرب بأثره نحو الشرق، وأن عدة عجالات تألفت في عصرها، منها رسالة كسينيفون التي زادت هذه الحادثة شهرة على شهرتها التي أفادتها إياها الروايات، فكيف يتصور أن عشرة آلاف يوناني قد قاوموا في مضمار القتال أربعمائة ألف من الفرس وقاوموا القوة والخداع، فكانت هذه التجريدة سببا في إذاعة ضعف المملكة الفارسية، واعتبرت كقاعدة سياسية أن عشرة آلاف قاوموا جنود الفرس إذن ثلاثون ألفا منهم يكونون أكفاء لإخضاعهم، فكانت تلك القاعدة سببا في غزوة أجيسيلاس والإسكندر الأكبر؛ وأن غزوة الإسكندر ليست إلا نتيجة من غزوة العشرة آلاف وإن لم تعقبها مباشرة.
فكانت التجريدة المذكورة إحدى الحوادث التي من بعض الجهات شرفت الإنسانية وأعلت قدرها، ففي أي ظرف من الظروف كان يتعالى عزم الإنسان هذا في العالم الدنيوي، وما كانت الحوادث تنقاد زمنا طويلا لعزم أو لذكاء مستمرين، وما أفادته هذه الغزوة لفن الحرب هو الركن الأعظم والفائدة الكبرى؛ فلقد كانت له هذه الغزوة أساسا ينتمي إليها ويرجع في مؤلفاته عليها، فإنها مثل يضرب لقواد وضباط وعساكر كل عصر. ومن أعمال هذه التجريدة النظامات العسكرية والحيل المصطنعة لمفاجأة العدو وأنواع التكتيكات للبيادة والسواري.
ولما كان اليونانيون القاطنون في آسيا الصغرى قد قاموا على أرتخشيارش مع قيروش المذكور أرسلت إسبارطة عساكر لمعاونتهم تحت قيادة أجيسيلاس ملك إسبارطة، فوقعت الحرب ثانيا بين اليونان والفرس، فحرض ملك الفرس ممالك المورة أن يقوموا على إسبارطة، فالتزم أجيسيلاس أن يرجع إلى بلاده لحمايتها وبعد حرب عدة سنين عقد الصلح تحت شرط تسليم آسيا الصغرى وجزيرة قبرص للفرس وجزيرة لمنوس وسيرا لأتينا، واعتمد ذلك الصلح سنة 87ق.م. (2-4) جمهورية طيوة
إن طيوة كانت مدينة معتبرة من بيوثيا، ولما كانت الحروب قائمة بين أتينا وإسبارطة وضعفتا كلتاهما تقوت طيوة حتى صارت قاعدة السلطنة لجميع البلاد المجاورة لها، فخافت إسبارطة لئلا تزيد قوة طيوة وسطوتها، فأرسلت جيشا وأخذت المدينة، وأقامت عليها ولاة من قبلها فقتلوا كثيرين من أهاليها، وهرب آخرون إلى أتينا منهم رجلان اسم أحدهما «أبامينونداس» والآخر «بلوبيداس»، فقاما على ظالم بلادهم وقتلاه بمساعدة بعض الأهالي، فاضطربت بسبب ذلك حرب شديدة بين إسبارطة وطيوة، فانتصر جيش طيوة بقرب «لوكريا» - إحدى مدن أركاديا - بالمورة وأضربوا ليكاونيا بالنار والسيف حتى أبواب إسبارطة ذاتها، وعادوا إلى بلادهم، ثم تجددت الحرب بعد برهة من الزمن، وانتصرت طيوة، ولكن قتل أبامينونداس.
وبقرب هذا الوقت حدث في مقدونيا قلاقل كثيرة؛ إذ توفي إمنتاس ملكها تاركا ثلاثة أولاد، فشرع هؤلاء يتنازعون الملك، فطلب المقدونيون الإسعاف من طيوة، فأرسلت جيشا تحت قيادة بلوبيداس لكي يصلح أحوال تلك البلاد، وعند وصوله إلى هناك ثبت الملك في يد فرديكاس، وأخذ أخاه فيلبش وثلاثين من أولاد أكابر البلاد رهنا، وأرسلهم إلى طيوة، وفي مدة إقامة فيلبش هناك تعلم قواعد الحكم والحرب من أبامينونداس وبلوبيداس، وبعد عقد الصلح بين طيوة وإسبارطة لم يحدث بين اليونانيين أمر مهم إلا في زمن الملك فيلبش المذكور. (2-5) تاريخ مقدونيا
اعلم أن مبدأ تاريخ هذه المملكة مجهول الحال، فقيل إن مؤسسها هو أول ملوكها المدعو كرانوس سنة 794ق.م، وكان إمنتاس أبو فيلبش سادس عشر ملوكها بعد كرانوس، وقد تقدم أن فيلبش تعلم من طيوة قليلا من أمور السياسة، وكان عمره وقتئذ عشر سنين، فأقام فيها اثنتي عشرة سنة، ولما بلغه خبر قتل أخيه هرب من طيوة، فوجد أهل بلاده مكتئبين من قتل ملكهم فرديكاس في واقعة مع أهل «إيليريا»، وكان لفرديكاس ابن صغير، فأخذ فيلبش على نفسه أن يكون وصيا له، وحكم باسمه، إلا أنه بعد قليل طلب المقدونيون أن يكون هو الملك، وأنهم لا يريدون طفلا يملك عليهم، فأجاب طلبهم وملك سنة 360ق.م وعمره 56 سنة، ثم أخذ في تدبير الوسائط لإخضاع الممالك اليونانية، وضمها إلى مملكته وإذ كانت أتينا وإسبارطة قد ضعفتا في الحروب مع الأعجام، وكانت طيوة أيضا قد ضعفت من حروبها مع إسبارطة، فأخذ يزرع الفساد بين ممالك اليونان، وكان له في جميعها خدمة في أهلها وأكابرها ساعدوه على إجراء مقاصده، وفتح بقرب مدينة «فيلبي » معادن الذهب والفضة، واستخرج منها كل سنة مبلغا وافرا من المال، فيغلب بالدراهم إذ لم يستطع أن يغلب بالسلاح. وفي السنة الرابعة من حكمه ولدت زوجته «ولمبياس» ابنا في مدينة «بلا»، وسماه الإسكندر، وكلف بتعليمه وتهذيبه أرستطاليس الفيلسوف.
صفحه نامشخص