اتحاد اروپی: مقدمهای خیلی کوتاه
الاتحاد الأوروبي: مقدمة قصيرة جدا
ژانرها
بطبيعة الحال تمخضت علاقات الجماعة التجارية عن التصادم الطبيعي بين المصالح، أو على الأقل بين ما يفترض المشاركون أنها مصالحهم، فكانت الزراعة أهم سبب للخلاف؛ فقد أضرت السياسة الزراعية المشتركة، وهي سياسة حمائية، بشركاء تجاريين: كأستراليا وكندا ونيوزيلندا والولايات المتحدة. وعقب انضمام المملكة المتحدة، أصاب الضرر الثلاثة الأول بشدة، وهي ضربة كان يمكن تحاشيها لو كانت بريطانيا قد انضمت عندما جرى التفاوض بشأن معاهدة روما. لم تبدأ الجماعة تنفيذ إصلاح جاد حتى التسعينيات، عندما خفضت مستوى الحماية لبعض السلع الرئيسة بمقدار نحو النصف. واتفق في جولة أوروجواي على إلغاء إعانات الصادرات المعرقلة للتجارة في الجولة التالية، وهو تحد صعب بالنسبة للجماعة والولايات المتحدة على السواء.
رغم تقارب الجماعة والولايات المتحدة فيما يخص الزراعة، فقد تباعدتا فيما يخص القضايا البيئية والثقافية وقضايا حماية المستهلك؛ حيث فضل الأوروبيون معايير أدت إلى تقييد وارداتهم من الولايات المتحدة، واعتبرها الأمريكيون حمائية. ومن الأمثلة على ذلك: الكائنات المعدلة وراثيا، ولحم البقر المعالج بالهرمونات، والمحركات الجوية عالية الضجيج، وخصوصية البيانات، والأفلام والبرامج التليفزيونية.
على النقيض من ذلك، خفت وطأة الاحتكاك الذي أثارته شبكة الترتيبات التفضيلية الخاصة بالاتحاد مع تخفيض التعريفات في جولات اتفاقية الجات المتتالية. كانت تلك الشبكة قد اتسعت جدا، مغطية معظم أوروبا والبلدان الأقل نموا، لدرجة أنه لم يبق خارجها إلا بعض الدول؛ من ضمنها أستراليا وكندا واليابان ونيوزيلندا وجنوب أفريقيا والولايات المتحدة. وقد انزعج الأمريكيون جراء تفضيلات الجماعة الأوروبية الممنوحة لبلدان معينة، لكن في المقابل كانت هناك العلاقات المقامة مع أعداد كبيرة من بلدان الجنوب، والتي مرت باختبار صعب في جولة الدوحة للمفاوضات التجارية التي افتتحت عام 2001؛ إذ كان يريد الاتحاد الأوروبي جدول أعمال شاملا، وكانت الولايات المتحدة تفضل التركيز على ميادين كالزراعة والبيئة.
كانت رغبة الاتحاد في اشتمال مسائل كالاستثمار، وسياسة المنافسة، والمشتريات العامة، وتيسير التجارة، المعروفة باسم «مسائل سنغافورة»، مدفوعة في جزء منها بالرأي القائل بضرورة أن يبدأ العالم في التحرك، مثلما فعل الاتحاد الأوروبي نفسه من قبل، بما يتجاوز محور التركيز على التعريفات وحصص الواردات، من أجل التعامل مع مجالات السياسات الأخرى متزايدة التأثير على التجارة، لكن البلدان النامية لم تكن جاهزة لهذا. وقد تعززت قدرتها التفاوضية بفضل إنشاء مجموعة العشرين، بقيادة البرازيل والصين والهند وجنوب أفريقيا، مع آخرين يمثلون المصالح الإقليمية والتجارية. وكما هو معتاد، برزت التجارة أيضا كعقبة في ظل مقاومة التحرير من جانب اللوبيات الزراعية الأوروبية والأمريكية. وفيما يخص بعض البلدان الأقل نموا، كانت هناك مشكلة إضافية ناشئة عن قرار «كل شيء إلا الأسلحة» الصادر عن الاتحاد لإلغاء القيود على الواردات من البلدان الأربعين الأشد فقرا، وذلك على نحو أضر بمنافسيها في البلدان الأقل نموا الأخرى.
بحلول مايو 2004، عرض مفوض التجارة، باسكال لامي، تخفيف إصرار الاتحاد على مسائل سنغافورة، والتفاوض بشأن إلغاء كل إعانات الصادرات، مما مكن المفاوضات من المضي قدما في ذلك العام. في الوقت نفسه، أعطت طفرة في واردات الملابس من الصين فكرة مسبقة عن نطاق التحديات التي يتوقع أن تنشأ عن حجم الاقتصاد الأوروبي وسرعة نموه، مع احتمال أن تحدث الهند أثرا مماثلا فيما بعد، وقد صعب انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية عام 2001 على الاتحاد الاستجابة باتخاذ تدابير ضد الإغراق.
منذ ذلك الحين تخبطت جولة الدوحة على صخور السلوك المتعنت على كل الجوانب، وهي الآن ماضية في طريق مسدود فيما يخص عددا من القضايا الأساسية . ومهما كانت المحصلة النهائية، سيكون هناك نظر في جدوى المزيد من جولات المفاوضات التجارية التي يجب الموافقة عليها بالإجماع من قبل 150 دولة، وفيما لو ستكون هناك ضرورة إلى مسار مختلف صوب تحرير التجارة العالمية. وسيكون على الاتحاد النظر إن كان بالإمكان تطبيق تجربته على مدى نصف القرن الماضي في العالم على نطاق واسع، وإذا كان ممكنا، فكيف يكون ذلك؟ (2) الاتحاد الأوروبي ودول الجوار والعالم النامي
على الرغم من أهمية العلاقات مع الولايات المتحدة بالنسبة للدول الأعضاء كافة، تجمع الدول منفردة علاقات خاصة مع بلدان معينة في معظم بقاع العالم الأخرى، وكثير من هذه العلاقات صارت مشتركة بين الاتحاد ككل.
رسم بياني (10): اتجاه تجارة الاتحاد الأوروبي في السلع حسب المنطقة، عام 2010.
ينبع هذا، وغيره الكثير، من معاهدة روما؛ إذ أرادت فرنسا مميزات لمستعمراتها، وجعلت هذا شرطا للتصديق على المعاهدة؛ لذا منحت الجماعة ككل الواردات الآتية من هذه المستعمرات حرية الدخول، وقدمت لها عونا من خلال «صندوق التنمية الأوروبي». سرت القواعد ذاتها على الأقاليم ذات الصلة ببلجيكا وإيطاليا وهولندا، وكان الارتباط الناشئ عن ذلك هو الأساس الأصلي «لاتفاق كوتونو» الحالي، كما تمخض الضغط الفرنسي عن اتفاقيتين تفضيليتين للمغرب وتونس، وهما اللتان مهدتا السبيل لنظام الاتفاقيات الحالي بعيد المدى مع دول الجوار.
بعد نيل المستعمرات السابقة استقلالها، تغير هذا الارتباط بموجب اتفاقية نصت على إنشاء مؤسسات مشتركة (مجلس وزراء ولجنة سفراء وجمعية برلمانيين). وعقب انضمام المملكة المتحدة، شاركت بلدان أفريقيا والبحر الكاريبي والمحيط الهادئ الأعضاء بالكومنولث في التفاوض على «اتفاقية لومي»، التي وسعت المشاركة لتشمل معظم أفريقيا وجزر الكاريبي، إضافة إلى عدد من الجزر في المحيط الهادئ، وتعرف مجتمعة باسم «دول أفريقيا والبحر الكاريبي والمحيط الهادئ»، وأزالت بعض آثار النظام الاستعماري، ووسعت العون نحو مستوى 3 مليارات يورو سنويا منذ التسعينيات، إضافة إلى الأموال المقدمة لتخفيف أثر الانخفاضات التي طرأت على دخول الدول المرتبطة من صادرات السلع.
صفحه نامشخص