اتحاد اروپی: مقدمهای خیلی کوتاه
الاتحاد الأوروبي: مقدمة قصيرة جدا
ژانرها
كان النجاح في إلغاء التعريفات الجمركية على التجارة الداخلية قد برهن على قيمة وضع برنامج بجدول زمني؛ لذا أصدرت المفوضية قائمة تضم نحو 300 تدبير ليجري تطبيقها بنهاية 1992 من أجل إتمام السوق الموحدة بإزالة الحواجز غير الجمركية. أوكل المشروع إلى المفوض اللورد كوكفيلد - وزير سابق في حكومة تاتشر - وصيغ البرنامج سريعا في الوقت المناسب لعرضه على المجلس الأوروبي في ميلانو في يونيو 1985.
في هذه الأثناء، كان البرلمان الأوروبي قد أعد مشروعا سياسيا هو مشروع معاهدة الاتحاد الأوروبي، الذي أوعز به ألتيرو سبينيللي، تلك الشخصية القيادية، منذ الخمسينيات بين أنصار الفيدرالية الذين كانوا يرون أن صياغة دستور هي السبيل المباشر إلى اتحاد فيدرالي. صيغ مشروع المعاهدة لإصلاح مؤسسات الجماعة بغرض إضفاء صبغة فيدرالية عليها، وتوسيع صلاحياتها لاشتمال معظم الصلاحيات التي هي من سمة أي اتحاد فيدرالي باستثناء رئيس هو الدفاع، ودخولها حيز التنفيذ عند التصديق عليها من قبل أغلبية من الدول الأعضاء مع ترتيبات مناسبة يتم التفاوض بشأنها مع أي دول لم تصدق عليها. وعلى الرغم مما حظي به المشروع من مساندة واسعة في معظم الدول المؤسسة، كانت الحكومة الألمانية من بين الحكومات غير المستعدة للموافقة على احتمال استبعاد بريطانيا، غير أن الرئيس ميتران أعرب عن مساندته المشروع، وإن كان بعبارات ملتبسة. وقدمت مقترحات المشروع الرئيسة إلى المجلس الأوروبي في ميلانو، إضافة إلى مشروع السوق الموحدة المقدم من المفوضية.
قرر البرلمان الأوروبي عقد «مؤتمر حكومي دولي» لتعديل المعاهدة، متجاهلا بذلك المعارضة البريطانية والدنماركية واليونانية باستخدامه التصويت بالأغلبية لأول مرة على الإطلاق. نظر «المؤتمر الحكومي الدولي» التعديلات ذات الصلة ليس ببرنامج السوق الموحدة فحسب، بل أيضا بعدد من المقترحات الواردة في مشروع المعاهدة الذي أعده البرلمان، فكانت المحصلة هي «القانون الأوروبي الموحد» الذي نص على إنجاز السوق الموحدة بحلول 1992، وأعطى الجماعة صلاحيات في مجالات البيئة، والبحث التكنولوجي والتطوير، والسياسات الاجتماعية ذات الصلة بالتوظيف و«التماسك»، وضم التعاون في ميدان السياسة الخارجية إلى بنيان المعاهدة (وإن كان ذلك مع الاحتفاظ بإجراءات حكومية دولية واضحة). ومن هنا جاءت تسميته بالقانون الأوروبي الموحد تمييزا له عن مقترح للإبقاء على السياسة الخارجية منفصلة. نص القانون الموحد أيضا على التصويت بالأغلبية المشروطة في عدد من مجالات تشريعات السوق الموحدة، وعزز البرلمان الأوروبي من خلال «إجراء تعاوني» أعطاه نفوذا على مثل هذه التشريعات، إضافة إلى إجراء يشترط موافقته على معاهدات الانتساب والانضمام.
شكل : سبينيللي يصوت لصالح مشروع معاهدة الاتحاد الأوروبي الذي اقترحه.
توسعت رقعة الجماعة عام 1981 لتشمل اليونان، وعام 1986 لتشمل البرتغال وإسبانيا، وثلاثتها كانت من قبل تحت نظم سلطوية، ورأت في الجماعة سندا لديمقراطياتها ولتحديثها اقتصاديا على السواء. أما الجماعة فقد أرادت من جانبها أن تكون هذه الدول دولا أعضاء قابلة للبقاء، وأن تكون داعمة لمشروعاتها كالسوق الموحدة. وتحقيقا لهذه الغاية، تحديدا، اشتمل القانون الموحد على سياسة التماسك استنادا إلى مضاعفة الصناديق البنيوية للمساعدة على تطوير المناطق الضعيفة اقتصاديا.
هكذا عزز القانون الموحد صلاحيات الجماعة ومؤسساتها على حد سواء، في ظل تأثير مصدره توليفة من الحكومات والمصالح الاقتصادية، والشواغل الاجتماعية، والمفوضية، والبرلمان، ومجموعة متنوعة من القوى الفيدرالية. وتلت هذا معاهدات ماستريخت وأمستردام ونيس ولشبونة؛ مما أسفر بالمثل عن المزيد من تعزيز الصلاحيات والمؤسسات، والاستجابة لتوليفات مماثلة من الضغوط. وما كان هذا ليحدث لو لم ينجح القانون الموحد، لكن التوقعات بقيام السوق الموحدة ساعدت على إنعاش الاقتصاد، وازدادت مؤسسات الجماعة قوة وهي تتعامل مع برنامج التشريعات الهائل.
مات سبينيللي بعد التوقيع على القانون الموحد ببضعة أسابيع، وكان لديه انطباع بأنه فاشل، أو كما قال: «فأر ميت.» والحقيقة أن القانون بشر بعملية إعادة تدشين للجماعة ربما كانت بعيدة المدى في آثارها كالعملية التي أدت إلى معاهدتي روما. (5) معاهدتا ماستريخت وأمستردام والتوسع من 12 إلى 15 عضوا
عقد ديلور، عقب نجاحه في السوق الموحدة، عزمه على متابعة مشروع العملة الموحدة. لم تكن تاتشر هي الوحيدة التي عارضتها؛ إذ إن معظم الألمان، الذين كانوا يفخرون بالمارك الألماني بوصفه أقوى عملات الجماعة، كانوا قطعا غير متحمسين لها، لكن العملة ظلت هدفا فرنسيا رئيسا لأسباب اقتصادية وسياسية على السواء، وكان هلموت كول - وهو فيدرالي عتيد - مؤمنا بأنها ستكون خطوة بالغة الأهمية على الطريق إلى إقامة أوروبا فيدرالية. وعلى الرغم من تيسيره إعداد الخطط للعملة الموحدة؛ فإنه واجه صعوبة في الحصول على المساندة اللازمة في ألمانيا.
خريطة (1): نمو الاتحاد الأوروبي، 1957-2013.
كانت الأحداث التي شهدتها سنة 1989 انقلابا مزلزلا؛ فمع تفكك الكتلة السوفييتية - الذي فتح آفاق توسيع الجماعة شرقا - بات أيضا توحيد ألمانيا ممكنا، لكن كول كان بحاجة إلى مساندة ميتران - وذلك لأسباب رسمية - إذ إن فرنسا - باعتبارها قوة احتلال - كان يحق لها استخدام حق الفيتو ضد توحيد ألمانيا، وأيضا لضمان ألا تقوض العلاقات الشرقية الجديدة الجماعة الأوروبية والشراكة الفرنسية الألمانية، وذلك سيرا على خطى السياسة التي أرساها برانت. رأى ميتران أن العملة الموحدة هي السبيل إلى ربط ألمانيا بنظام الجماعة رباطا لا ينفصم؛ ومن ثم اعتبرها شرطا لتوحيد ألمانيا. وقد ضمن هذا لكول ما يلزمه من مساندة في ألمانيا للمضي قدما في المشروع.
صفحه نامشخص