اتقان در علوم قرآن
الإتقان في علوم القرآن
ویرایشگر
محمد أبو الفضل إبراهيم
ناشر
الهيئة المصرية العامة للكتاب
ویراست
١٣٩٤هـ/ ١٩٧٤ م
فَصَاحَتُهُمْ وَطِبَاعُهُمُ السَّلِيمَةُ تَقْتَضِي قُدْرَتَهُمْ عَلَى الْأَدَاءِ كَمَا سَمِعُوهُ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ لِأَنَّهُ نَزَلَ بِلُغَتِهِمْ.
وَمِمَّا يَدُلُّ لِلْقِرَاءَةِ عَلَى الشَّيْخِ عَرْضُ النَّبِيِّ ﷺ الْقُرْآنَ عَلَى جِبْرِيلَ فِي رَمَضَانَ كُلَّ عَامٍ وَيُحْكَى أَنَّ الشَّيْخَ شَمْسَ الدِّينِ بْنَ الْجَزَرِيِّ لَمَّا قَدِمَ الْقَاهِرَةَ وَازْدَحَمَتْ عَلَيْهِ الْخَلْقُ لَمْ يَتَّسِعْ وَقْتُهُ لِقِرَاءَةِ الْجَمِيعِ فَكَانَ يَقْرَأُ عَلَيْهِمُ الْآيَةَ ثُمَّ يُعِيدُونَهَا عَلَيْهِ دُفْعَةً وَاحِدَةً فَلَمْ يَكْتَفِ بِقِرَاءَتِهِ.
وَتَجُوزُ الْقِرَاءَةُ عَلَى الشَّيْخِ وَلَوْ كَانَ غَيْرُهُ يَقْرَأُ عَلَيْهِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ إِذَا كَانَ بِحَيْثُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ حَالُهُمْ وَقَدْ كَانَ الشَّيْخُ عَلَمُ الدِّينٍ السَّخَاوِيُّ يَقْرَأُ عَلَيْهِ اثْنَانِ وَثَلَاثَةٌ فِي أَمَاكِنَ مُخْتَلِفَةٍ وَيَرُدُّ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمْ وَكَذَا لَوْ كَانَ الشَّيْخُ مُشْتَغِلًا بِشُغْلٍ آخَرَ كَنَسْخٍ وَمُطَالَعَةٍ.
وَأَمَّا الْقِرَاءَةُ مِنَ الْحِفْظِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِشَرْطٍ بَلْ يَكْفِي وَلَوْ مِنَ الْمُصْحَفِ.
فَصْلٌ
كَيْفِيَّاتُ الْقِرَاءَةِ ثَلَاثٌ:
أَحَدُهَا: التَّحْقِيقُ وَهُوَ إِعْطَاءُ كُلِّ حَرْفٍ حَقَّهُ مِنْ إِشْبَاعِ الْمَدِّ وَتَحْقِيقِ الْهَمْزَةِ وَإِتْمَامِ الْحَرَكَاتِ وَاعْتِمَادِ الْإِظْهَارِ وَالتَّشْدِيدَاتِ وَبَيَانِ الْحُرُوفِ وَتَفْكِيكِهَا وَإِخْرَاجِ بَعْضِهَا مِنْ بَعْضٍ بِالسَّكْتِ وَالتَّرْتِيلِ وَالتُّؤَدَةِ وَمُلَاحَظَةِ الْجَائِزِ مِنَ الْوُقُوفِ بِلَا قَصْرٍ وَلَا اخْتِلَاسٍ وَلَا إِسْكَانِ مُحَرَّكٍ وَلَا إِدْغَامِهِ وَهُوَ يَكُونُ لِرِيَاضَةِ الْأَلْسُنِ وَتَقْوِيمِ الْأَلْفَاظِ وَيُسْتَحَبُّ الْأَخْذُ بِهِ عَلَى الْمُتَعَلِّمِينَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُتَجَاوَزَ فِيهِ إِلَى حَدِّ الْإِفْرَاطِ بِتَوْلِيدِ الْحُرُوفِ مِنَ الْحَرَكَاتِ وَتَكْرِيرِ الرَّاءَاتِ وَتَحْرِيكِ السَّوَاكِنِ وَتَطْنِينِ النُّونَاتِ بِالْمُبَالَغَةِ فِي الْغُنَّاتِ، كَمَا قَالَ
1 / 344