[الاثنا عشرية في الصلاة اليومية] بسم الله الرحمن الرحيم وبه ثقتي الحمد لله الذي وفقنا للاهتداء بشريعة أشرف المرسلين، وسيد الأولين والآخرين، وهدانا لاقتفاء آثار أهل بيته الأئمة الطاهرين صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين.
وبعد: فيقول أقل العباد محمد، المشتهر ببهاء الدين العاملي عفى الله عنه: هذه مقالة لطيفة في واجبات الصلاة اليومية ومستحباتها، مرتبة الفصول (1) على نهج قريب يسهل تناوله على الطلاب، وأسلوب غريب يهش إليه أولوا الألباب، وضعتها راجيا عظيم الثواب، وجزيل الأجر يوم يقوم الحساب.
فأقول: إن الأمور (2) المعتبرة في الصلوات الخمس اثنا عشر نوعا، لأنها:
إما أفعال، أو تروك.
وكل منها: إما واجبة، أو مستحبة.
وكل منها: إما لسانية، أو جنانية، أو أركانية. فصارت مسائل هذه المقالة الاثني عشرية منحصرة في اثني عشر فصلا، وهذا تفصيلها:
الأول: الأفعال الواجبة اللسانية.
الثاني: الأفعال الواجبة الجنانية.
الثالث: الأفعال الواجبة الأركانية.
الرابع: الأفعال المستحبة اللسانية.
صفحه ۲۳
الخامس: الأفعال المستحبة الجنانية.
السادس: الأفعال المستحبة الأركانية.
السابع: التروك الواجبة اللسانية.
الثامن: التروك الواجبة الجنانية.
التاسع: التروك الواجبة الأركانية.
العاشر: التروك المستحبة اللسانية.
الحادي عشر: التروك المستحبة الجنانية.
الثاني عشر: التروك المستحبة الأركانية.
صفحه ۲۴
الفصل الأول في الأفعال الواجبة اللسانية وهي اثنا عشر:
الأول: تكبيرة الإحرام، وهي ركن (3) بالنص والإجماع، وصحيحة الحلبي (4) بمضي ناسيها في صلاته متأولة، وصحيحة البزنطي (5): بإجزاء تكبيرة الركوع عنها محمولة على من أدرك الإمام راكعا فكبر للافتتاح والركوع معا (6).
صفحه ۲۵
وهي جزء من الصلاة وفاقا لشيخنا في البيان (7)، وسائر المتأخرين.
وقال المرتضى رضي الله عنه: إنه لم يجد لأصحابنا نصا على جزئيتها (8)، والإجماع على الركنية لا يستلزم الجزئية كالنية، والاستدلال (9) على خروجها عنها بعدم الدخول فيها (10) قبل الفراغ منها محل كلام، لجواز كون آخرها كاشفا عن الدخول بأولها.
ويجب النطق بها على الوجه المنقول، قاطعا همزتي الجلالة وأكبر، مقارنا بها للنية القلبية، أما اللفظية فيشكل مقارنتها لها، لفوت قطع همزة الجلالة إن قارنت، وفوت المقارنة إن قطعت (11).
الثاني: قراءة الحمد في الثنائية وأوليي غيرها، ويتخير في الثالثة والرابعة بين الحمد والتسبيحات الأربع، ويضم إليها الاستغفار (12) كما في صحيحة عبيد
صفحه ۲۶
ابن زرارة (١٣)، ولا تتعين الحمد فيهما لناسيها في الأوليين، خلافا للخلاف (١٤)، وقوله عليه السلام: " لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب " (١٥) محمول على غير الناسي، جمعا بينه وبين صحيحة معاوية بن عمار (١٦).
الثالث: قراءة سورة كاملة بعد الحمد، ومقدمها ساهيا يكتفي بإعادتها، وعامدا (١٧) مبطل مع احتمال مساواته للساهي.
الرابع: مطابقة القراءة لإحدى القراءات السبع وإن تخالفت في اسقاط بعض الكلمات، كلفظة (من) في قوله تعالى: <a class="quran" href="http://qadatona.org/عربي/القرآن-الكريم/5/119" target="_blank" title="المائدة: 119">﴿تجري من تحتها الأنهار﴾</a> (18).
ويجب أن يستثنى من ذلك ترك البسملة في قراءة نصف السبعة (19)، فإنه غير مجوز بإجماعنا، فقول علمائنا رحمهم الله: تجوز القراءة بكل ما وافق إحدى السبع ليس على عمومه.
صفحه ۲۷
الخامس: الجهر للرجل، والخنثى مع عدم سماع الأجنبي، في الصبح وأوليي العشاءين، والإخفات في البواقي. وجاهل الحكم (20) معذور. والمرتضى رضي الله عنه على عدم وجوبه (21)، وصحيحة علي بن جعفر (22) شاهدة له.
وتتخير المرأة مع عدم سماع الأجنبي، فلو أسمعته عالمة به احتمل بطلان صلاتها، وبه قطع بعض المتأخرين، وللبحث فيه مجال (23).
ثم تحريم سماعه مشروط بخوف الفتنة لا مطلقا وفاقا للتذكرة (24)، فلا يبعد اشتراط تحريم إسماعه بذلك منها أو منه، وكلام القوم خال عنه.
السادس: ذكر الركوع والسجود، والأصح عدم تعين (25) لفظ فيهما، وقد دلت على ذلك صحيحتا الهشامين، مع حسنة مسمع (26)، ولا معارض لها عند التحقيق.
السابع: التشهد في الثنائية مرة، وفي الثلاثية والرباعية مرتين، آتيا
صفحه ۲۸
بالشهادتين على الوجه المنقول.
الثامن: الصلاة على النبي وآله صلوات الله عليه وعليهم بعد الشهادتين، ووجوبها إجماعي، وصحيحتا زرارة ومحمد بن مسلم (27) المشعرتان بخلافه متأولتان (28). وليست ركنا خلافا للخلاف (29)، وتجب في كلا الشهادتين، وقول ابن الجنيد بوجوبها في أحدهما فقط (30)، والصدوق بعدم وجوبها في الأول (31) شاذان.
التاسع: التسليم، وصيغته: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، والأصح وجوبه (32) كما نطقت به الروايات المعتبرة المتكثرة.
صفحه ۲۹
وشيخنا الشهيد في قواعده على وجوبه، وخروجه عن الصلاة كالنية، وقال رحمه الله: إن صحيحة زرارة في أن المحدث قبل التسليم " قد تمت صلاته " (33)، وصحيحته الأخرى فيمن صلى خمسا " إن كان جلس في الرابعة بقدر التشهد فقد تمت صلاته " (34) لا يدل شئ منهما على عدم وجوبه، فبقيت أدلة الوجوب خالية عن المعارض (35)، وأنا بسطت الكلام في هذا المقام في الحبل المتين (36).
العاشر: اخراج حروف جميع ما يجب التلفظ به من الأذكار، وغيرها من المخارج المقررة، وفيما يستحب احتمال قوي الحادي عشر: عربية جميع ما يتلفظ به واجبا أو مستحبا حتى القنوت وفاقا لبعض قدمائنا، إذ هو المعهود من الشارع، وظاهر التعميم في صحيحة علي بن مهزيار (37) شمول المطالب الدينية والدنيوية، لا الاختلافات اللغوية.
الثاني عشر: التلفظ بما يجب التلفظ به عن ظهر القلب مع القدرة على الأقرب، إذ هو المعهود، قراءة كان أو ذكرا، وفي المستحب احتمال، ورواية
صفحه ۳۰
الصيقل (38) ضعيفة ومحمولة على عدم الحفظ.
الفصل الثاني في الأفعال الواجبة الجنانية وهي اثنا عشر:
الأول: تحصيل المعارف الخمس التي يتحقق بها الإيمان، على وجه تطمئن به نفس المكلف، بحيث يخرج عن التقليد المحض. أما معرفة الدلائل على وجه يقدر به على دفع الشبه فمن الواجبات الكفائية.
الثاني: تحصيل العلم الشرعي بوجوب ما يجب في الصلاة من الأقوال، والأفعال، والشروط، بالاجتهاد إن كان من أهله، وبتقليد المجتهد الحي العدل ولو متجزئا إن لم يكن.
الثالث: العلم الشرعي (39) بكونه طاهرا من الحدثين الأكبر والأصغر، ومن الأخباث العشرة ثوبا وبدنا، سوى ما لا يرقى من الدم ودون الدرهم منه غير الأربعة، وثوب المربية بالشرطين (40)، وما تعذر تطهيره، وما لا تتم فيه الصلاة إلا قطنة المستحاضة (41).
صفحه ۳۱
الرابع: العلم اليقيني (42) بدخول الوقت للقادر، وهو دخول الفجر الصادق للصبح.
والزوال للظهر المعلوم بزيادة الظل بعد نقصه، أو حدوثه بعد عدمه، كما يتفق في الخط الاستواء، وما نقص عرضه عن الميل الكلي أو ساواه (جنوبا وشمالا) (43) لا في مكة وصنعاء في يوم واحد (44).
والفراغ منها ولو تقديرا للعصر.
وذهاب حمرة المشرق للمغرب، ووقتها الشيخ في المبسوط (45) والصدوق (46) باستتار القرص، والروايات كالمتعارضة، والجمع بينها بالعمل بالأول أولى.
والفراغ منها ولو تقديرا للعشاء، ووقتها الشيخان بغيبوبة الشفق الأحمر (47)، أما الأصفر فلا عبرة به عندنا. ويمتد الصبح إلى طلوعها، والظهران إلى غروبها، والعشاء أن إلى الانتصاف.
الخامس: العلم بحال الساتر من كونه مباحا لا حريرا ولا ذهبا، رجلا كان أو خنثى (48)، ولا من غير مأكول إلا ما استثني، ولا تجوز في حرير لا تتم فيه كالتكة والقلنسوة، لمكاتبة ابن عبد الجبار الصحيحة (49)، ورواية الحلبي (50)
صفحه ۳۲
ضعيفة بأحمد بن هلال وإن رواها عن ابن أبي عمير، إذ الاعتماد على ما يرويه من كتاب نوادره، وكونها منه غير معلوم.
السادس: العلم بحال المكان من إباحته ولو بشاهد الحال، والمرتضى رضي الله عنه على استصحابه وإن طرأ غصب (51)، وعدم تعدي نجاسة منه إلى الثوب أو البدن في الأثناء وإن كانت دون الدرهم من الدم، لنقل فخر المحققين عن والده الاجماع عليه (52).
وطهارة محل الجبهة وهو إجماعي، وأبو الصلاح يشترط طهارة مساقط السبعة (53)، وفي صحيحة الحسن بن محبوب في السجود على الجص (54) إشعار ما بالأول إن حملنا السجود فيها على وضع الجبهة فقط، وبالثاني إن حملناه على وضع المساجد أجمع.
السابع: الاجتهاد في تحصيل القبلة للقادر عليه، وهي: عين الكعبة للقريب إجماعا، وجهتها للبعيد كما اشتهر بين المتأخرين، وقد حققنا معنى الجهة في رسالة مفردة. والشيخان (55) وجمهور القدماء (56) على أن الكعبة قبلة من في المسجد، وهو قبلة من في الحرم، وهو قبلة من خرج عنه، وقد نقل الشيخ إجماع الفرقة على ذلك (57)، ودلت عليه بعض الأخبار (58)، والقول به قريب، وما
صفحه ۳۳
أورده عليه المتأخرون مدفوع (59).
ويجوز التعويل على قواعد الهيئة وفاقا لشيخنا في الذكري، وأكثر العلامات الدائرة على ألسنة الفقهاء مأخوذة منها، كما قاله رحمه الله، وقد حكم بأنها تفيد الظن الغالب بالعين (60). وهو منه عجيب في بادئ النظر، لكنه بعد التأمل حقيق بالقبول، فإن البعيد كلما ازداد بعدا ازداد محاذاة، والحقيقة غير لازمة.
الثامن: العلم بما هو مكلف به من القصر أو الإتمام (61)، وإن لم يجب التعرض لشئ منهما في النية، أما العلم بالتخيير في مواضعه فلا (62).
التاسع: النية، وهي شرط في الصلاة لا شطر وفاقا للمنتهى (63)، ولا ينافي ذلك ركنيتها (64)، ويجزئ فيها قصد أداء الصلاة الواجبة أو قضائها امتثالا لأمر الله تعالى، ونضيف نية الجماعة فيما تجب فيه ولو بنذر وشبهه، وقصد إمام معين لو تعددوا.
العاشر: الاستدامة الحكمية، وهي البقاء على حكم النية، والعزم على مقتضاها بمعنى استصحاب ما عقد به قلبه من الإتيان بأفعال الصلاة على ما أمر به ما دام التلبس بها بباله (65).
صفحه ۳۴
وقد تفسر بأمر عدمي هو: أن لا يأتي بنية تنافي الأولى، وشيخنا الشهيد بنى التفسير الأول على القول باحتياج الباقي إلى المؤثر، والثاني على استغنائه عنه (66)، وحكم المتأخرون عنه بأن بناءه هذا غير مستقيم (67)، وظني أنه مستقيم.
الحادي عشر: إجراء المريض الأفعال على باله شيئا فشيئا، كلا في محله إذا عجز عن الإتيان بأبدالها، وكذا القول في الأقوال. والبدل كالمبدل في الركنية وغيرها، وله أن ينوي البدلية عن الأصل والبدل، والأولى التفصيل بالانتقال الدفعي والتدريجي، ففي الأول لا دخل للثاني قطعا، وفي الثاني لا دخل للأول على الظاهر، ولو لم ينو البدلية عن شئ جاز.
الثاني عشر: عقد الأخرس قلبه بمعنى التحريمة، والقراءة، والأذكار الواجبة حال تحريك لسانه عندها، لا بمعنى إحضاره معانيها بالبال كما يظهر من الذكرى (68)، بل قصده كون هذا التحريك تحريما، وذاك قراءة، وذاك ذكرا، أو الأقرب عدم وجوب الاقتداء عليه وعلى أخيه.
صفحه ۳۵
الفصل الثالث في الأفعال الواجبة الأركانية وهي اثنا عشر:
الأول: الطهارة بالوضوء لذي الحدث الأصغر، وبالغسل للجنب، وبهما للحائض، والنفساء، والمستحاضة الغير القليلة، وماس الميت نجسا، وبالتيمم لذي العذر بضربتين مطلقا على الأحوط، وإخلال الثانية بالموالاة توهم.
الثاني: القيام ناويا، ومكبرا، وقارئا. والركن منه ما يركع عنه، فلو ركع عن قيام القنوت انسلخ آخره عن الاستحباب وتمحض في الوجوب، واعتبار الحيثيتين كالتكبير للإحرام والركوع، والصلاة على من فوق الست ودونها ممكن.
الثالث: الاستقلال في القيام والقعود وغيرهما، بمعنى إلقاء الثقل على الأرض من غير تشريك بينها وبين غيرها من عصا أو حائط ونحوه، بحيث لو زال لسقط، وجوز أبو الصلاح الاعتماد على المجاور من الأبنية (69)، وصحيحة علي ابن جعفر (70)، وموثقة ابن بكير (71) تشهدان له، وحملتا على استناد واتكاء لا اعتماد معه.
الرابع: الهوي للركوع غير قاصد به غيره، كتناول شئ فيرجع إلى الانتصاب ويركع، إلا إذا بلغ حد الراكع فيحتمل حينئذ: الرجوع، والبطلان، وجعله ركوعا، وقطع في الذكرى بالأول (72).
الخامس: الركوع، وهو ركن في كل ركعة، وحده في مستوي الخلقة محاذاة كفيه ركبتيه منحنيا غير منخنس (73)، وغيره يحال عليه. وتجب فيه الطمأنينة
صفحه ۳۶
بقدر واجب الذكر ، فلو هوى قبلها سهوا ولما يسجد احتمل الاستمرار، لاستلزام تداركها زيادة الركن، والعود لعدم وقوع الركن على وجهه.
السادس: رفع الرأس منه مطمئنا بعده بما يزيد على السكون الضروري بين المختلفتين ولو يسيرا، وليست ركنا خلافا للخلاف (74).
السابع: الهوي لكل من السجدتين غير قاصد به غيرها فيرجع، إلا إذا بلغ حد الساجد فتقوم الاحتمالات الثلاثة، واقتصر في الذكرى هنا على الثاني مع قطعه هناك بالأول (75).
الثامن: السجود، ويتحقق بوضع مجموع الأعضاء السبعة على الأرض غير متفاوتة المحال بأزيد من لبنة، ولو ترك وضع البعض سهوا كفى عنه وضع الجبهة من غير عكس، ولا بعد في إجزاء بعض الأجزاء عن الكل في بعض الحالات، فلو جعل الركن كلا السجدتين، أو ما أقامه الشارع مقامهما كالواحدة حال نسيان الأخرى لم يكن بعيدا وتجب الطمأنينة فيه (76) كالركوع، ووضع الجبهة على الأرض، أو غير المستحيل من أجزائها، أو نباتها غير مأكول أو ملبوس عادة، وقد أشعرت صحيحة ابن محبوب بجواز السجود على الجص (77)، ولا أعلم بها عاملا، ونطقت صحيحة صفوان بجوازه على القرطاس (78)، ولا أعلم لها مخالفا، نعم كلام الذكرى يعطي التردد (79).
التاسع: رفع الرأس من كل من السجدتين مطمئنا بعد أول الرفعين، وأوجبها المرتضى رضي الله عنه بعد ثانيهما في أولى الركعتين، والثالثة من
صفحه ۳۷
الرباعية. وهي جلسة الاستراحة، وينبغي عدم تركها لنقله رضي الله عنه الاجماع على وجوبها (80).
العاشر: النهوض بعد ثاني الرفعين، أو التشهد إلى الأخرى.
الحادي عشر: الجلوس للتشهد، والتسليم مطمئنا بقدرهما.
الثاني عشر: الاستقرار من غير تمايل، ولا تعال، ولا تسافل. فتبطل في العاصفة المحركة، وعلى ما يربو أو يتلبد لغير ضرورة، أما في السفينة السائرة فصححها بعضهم مطلقا لصحاح ابن سنان (81)، وابن عمار (82)، وجميل (83)، وحسنة حماد (84). وقيد بعضهم بالضرورة، وبه أخبار غير نقية، لكنه قريب، فإن في غير الثالثة ما يشعر بالضرورة، وهي غير صريحة في وقت السير.
وأما على الدابة السائرة فقد أجمعوا على المنع إلا لضرورة، وفي الواقفة المأمونة الحركة بالربط أو التعليم اختيارا احتمال.
الفصل الرابع في الأفعال المستحبة اللسانية وهي اثنا عشر:
الأول والثاني: الأذان والإقامة، وفصول الأذان ثمانية عشر، كلها مثنى سوى التكبير أوله فهو أربعة، وفي صحيحة ابن سنان ما يعطي تثنيته (85)، وحملها الشيخ على محمل بعيد (86)، والحمل على إجزائها ممكن.
وفصول الإقامة سبعة عشر، كلها مثنى سوى التهليل آخرها فهو مرة.
ويختصان باليومية، ويتأكدان في الجهرية سيما الصبح والمغرب، والمرتضى
صفحه ۳۸
على وجوبهما فيهما على الرجال (87)، ووافقه ابن أبي عقيل وزاد عليه بطلان الصلاتين بتعمد تركهما (88).
الثالث: التكبيرات الست قبل تكبيرة الإحرام أو بعدها أو بالتفريق، ولا خلاف في هذا التخيير، لكن الشيخ رحمه الله على أولوية القبلية (89) وتبعه المتأخرون، ولا أعرف لذلك مستندا، والمستفاد من صحيحة زرارة في افتتاح النبي صلى الله عليه وآله الصلاة بالتكبير، ومتابعة الحسين عليه السلام له (90) أولوية البعدية ولم ينبه على ذلك أحد، وصحيحة هشام في حكاية المعراج (91) لا تعطي القبلية (كما قد يظن) (92)، بل ربما دلت على البعدية، فإن الصلاة معراج العبد.
الرابع: الاستعاذة قبل القراءة، للأمر بها في حسنة الحلبي (93)، وقول أبي
صفحه ۳۹
علي بن الشيخ طاب ثراه بوجوبها شاذ (94)، ومحلها عندنا الركعة الأولى لا غير، وهي سرية ولو في الجهرية، وجهر الصادق عليه السلام بها محمول على تعليم الجواز (95).
الخامس: الجهر ببسملتي الحمد والسورة في السرية، ولا فرق بين الإمام والمأموم والمنفرد، وتخصيص ابن الجنيد بالإمام (96) يرده إطلاق صحيحة محمد بن مسلم (97)، ولا بين الأوليين وغيرهما، وتخصيص ابن إدريس بهما (98) يرده إطلاق صحيحة صفوان (99).
السادس: ترتيل القراءة، وهو: حفظ الوقوف، وبيان الحروف كما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام (100)، وفسر الأول بالوقف التام (101) والحسن (102)، والثاني بالإتيان بصفاتها المعتبرة من الهمس والجهر والاستعلاء والإطباق وغيرها. والوقوف التامة في الفاتحة أربعة (103)، والحسنة عشرة (104)، والظاهر
صفحه ۴۰
انسحاب استحباب الترتيل إلى تسبيحات الركوع والسجود (105)، بل إلى جميع الأذكار والأدعية.
السابع: سؤال الجنة، والتعوذ من النار عند قراءة آيتيهما، لكن بحيث لا يكثر فيخل بنظم القرآن فيبطل.
الثامن: تكرار تسبيحات الركوع والسجود ثلاثا وخمسا وسبعا، وفي صحيحة أبان بن تغلب: أنه عد للصادق عليه السلام في الركوع والسجود ستين تسبيحة (106).
التاسع: القنوت في كل ثانية بعد القراءة قبل الركوع، وأوجبه ابن أبي عقيل في الجهرية (107)، والصدوق في الخمس وأبطل الصلاة بتركه عمدا (108)، وفي الأخبار المعتبرة ما يشعر بوجوبه (109)، وقد أنهينا البحث في ذلك في الحبل المتين (110).
ويأتي به الناسي بعد الركوع، فإن لم يذكره فبعد الصلاة جالسا، وفي
صفحه ۴۱
صحيحة زرارة: " إذا ذكره وهو في الطريق استقبل القبلة وأتى به " (111)، وينوي به في هذه الأحوال القضاء على الأظهر، وتردد فيه في المنتهى (112).
وفي كلام جماعة أن أفضل ما يقال فيه كلمات الفرج، ولم أجد بذلك خبرا (113)، والذي في صحيحة الحلبي: " أثن على ربك، وصل على نبيك، واستغفر لذنبك " (114)، وفي حسنة سعد بن أبي خلف: " يجزئك في القنوت:
اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا في الدنيا والآخرة إنك على كل شئ قدير " (115).
وهو جهر ولو في السرية، لصحيحة زرارة (116)، إلا للمأموم، وجعله المرتضى رضي الله عنه تابعا للصلاة في الجهر والإخفات (117).
العاشر: التكبيرات الزائدة على الست الافتتاحية سوى التحريمة، وهي في الخمس مع خمس القنوت خمس وتسعون: في كل من الظهرين والعشاء إحدى وعشرون، وفي المغرب ست عشرة، وفي الفجر إحدى عشرة. ولا تكبير للرفع من الركوع، بل يقول: سمع الله لمن حمده، ولا للقيام من التشهد بل يقول: بحول الله وقوته أقوم وأقعد، وأثبته المفيد رحمه الله في الثاني (118)، وقال الشيخ: لست أعرف بقوله هذا حديثا أصلا، ثم استدل على سقوطه بكلام اقناعي (119).
صفحه ۴۲