123

فإن قيل: ما تنكرون على من قال لكم: إذا كان كل واحد منكم يطعن في الوجه الذي يعتمده صاحبه في بيان الوجه الذي كان له القرءان معجزا ، ويبين فساده ، فليس يثبت شيء من تلك الوجوه ، وإذا بطلت تلك الوجوه أجمع لم يصح كونه معجزا ، لأنه لا يكون معجزا إلا لوجه يخصه .

قيل له: الصحيح لا يفسد لطعن من يطعن فيه ، أو يحاول إفساده ، فإذا ثبت ذلك ، لم يجب فساد تلك الوجوه أجمع ، ولم يمنع أن يكون في جملتها وجه صحيح لا يؤثر فيه طعن من يطعن .

وإذا ثبت ذلك صح ما ادعيناه ، من كونه معجزا على ما بيناه . وإن اختلف في الوجه الذي له كان معجزا .

ونعود إلى ذكر الوجوه التي ادعا أن إعجاز القرءان يتعلق بها ، ونبين ما نعتمده منها .

اعلم أن من الناس من ذهب إلى أن القرءان لم يتعذر الاتيان بمثله ، لشيء من أوصافه . وإنما الاعجاز هوالصرف .

ومنهم من قال: إن الاعجاز هو الفصاحة المجردة ، وإنها قد بلغت الحد الذي يتعذر الاتيان بمثلها على جميع البشر ، وهذا قول الأكثرين من المتكلمين .

ومنهم من ذهب إلى أن الاعجاز: إنما هو في النظم المخصوص الذي تميز (¬1) به القرءان عما سواه .

صفحه ۱۷۵