109

وقد ثبت أن الكف على سبيل الاختيار منهم مما يستحيل ، ولا يصح كونه ، فلم يبق إلا أنه كان للتعذر أو للصرف ، وأيهما كان وجب كونه معجزا ، دالا على نبوته . فتقدم خبر نبي - إن تقدم - يكون بشارة له بأن الله عز وجل بعثه نبيا ، ويظهر عليه العلم الذي يدل على نبوته .

فإن قيل: فإذا ثبت أنه من عند الله عز وجل ، فما الذي يدل على أنه معجز ؟ لأن التوراة والانجيل ، وإن كانا منزلين من عند الله ، فلا يجب كونهما معجزا ؟

قيل له: إذا ثبت بما بيناه تعذر مثله على الناس ، ثبت كونه معجزا كما بيناه في الدليل الأول .

فإن قيل: إذا كان هذا الدليل لا يتم إلا بذكر التحدي ، وبيان تعذر مثله ، وعليه بنى الدليل الأول ، فلم جعلتم هذا دليلا ثانيا ؟!

قيل له: هذان الشرطان وإن جمعا الدليلين ، فلكل واحد منهما شرط يخصه ، لأن الدليل الأول لا يتم إلا بأن يعلم أن المعارضة لم تقع ، وهذا لا يجب أن يشترط في الدليل الثاني ، لأن الدليل الثاني يصح أن يستدل به .

وقيل: النظر في أن المعارضة وقعت أو لم تقع ، حين يكون حصول العلم بأن المعارضة لم تقع بعد استكمال النظر في الدليل ، ووقوع العلم به .

والدليل الأول ليس من شروطه أن نبين أن كامل العقل (¬1) لا يجوز أن يقع منه من تلقاء نفسه مثل هذا التحدي ، ولا يجب اشتراطه في الدليل الأول .

صفحه ۱۶۱