وَمَا روينَا أَن النَّبِي ﷺ قَالَ طلاقة الْأمة ثِنْتَانِ وعدتها حيضتان فَدلَّ على أَن الْمُعْتَبر فِي حق الْأمة هُوَ الْحيض فَيثبت فِي الْحرَّة وَأما الْإِجْمَاع فَمَا رُوِيَ عَن الْخُلَفَاء الرَّاشِدين وَابْن مَسْعُود وَابْن عَبَّاس وَأبي مُوسَى وَعبادَة بن الصَّامِت ومعاذ وَأبي الدَّرْدَاء ﵃ مثل مَذْهَبنَا
وَرَوَاهُ الشّعبِيّ عَن بضعَة عشر من الصَّحَابَة وَكَذَا روى الطَّحَاوِيّ عَن زيد وَابْن عمر وَحَكَاهُ الرَّازِيّ عَن مُجَاهِد وَابْن الْمسيب وَابْن جُبَير وَأما اللِّسَان فاستشهادات كَثِيرَة مِنْهَا قَول الْقَائِل
يَا رب ذِي ضغن على فارض
لَهُ قُرُوء كقروء الْحَائِض
(أَي تهيج عداوته فِي أَيَّام مَعْلُومَة كقروء الْحَائِض)
وَعَلِيهِ أجماع أهل اللُّغَة كالزجاج وَالْفراء والأصمعي وَالْكسَائِيّ والأخفش وَيُونُس وَذكره الْخَلِيل فِي كتاب الْعين وَنَصّ عَلَيْهِ فَقَالَ الْقُرْء عبارَة عَن الْحيض تنَاول ثَلَاثَة أَقراء كوامل وَمَتى حمل على الطُّهْر تنَاول قرءين وشيئا من الثَّالِث فَيكون مُخَالفا للسّنة وَالْإِجْمَاع واللغة فَإِن قيل مَا ذكرْتُمْ أَن الْقُرْء هِيَ الْحيض فمعارض من وُجُوه تدل على أَنه الطُّهْر أَحدهَا قَول الْأَعْشَى
وَفِي كل عَام أَنْت حاسم غَزْوَة
تشد لأقصاها عزيم عزائكا ... مورثة مَالا وَفِي الْحَيّ رفْعَة
لما ضَاعَ فِيهَا من قُرُوء نسائكا