اِثارِ حق
إيثار الحق على الخلق في رد الخلافات إلى المذهب الحق من أصول التوحيد
ناشر
دار الكتب العلمية
شماره نسخه
الثانية
سال انتشار
١٩٨٧م
محل انتشار
بيروت
بطلَان دَعْوَاهُ مَعْلُوم بِالْعقلِ لِأَنَّهُ يَدعِي الربوبية وَهُوَ بشر يحْتَاج إِلَى الْأكل وَالشرب وينام ويعجز ويجهل ويمرض ويبول ويتغوط وينكح دع عَنْك كَونه جسما مركبا من لحم وَدم وَعِظَام وَعصب فَلم يكلنا رَبنَا ﷾ إِلَى معرفَة عقولنا بحدوث مَا كَانَ على هَذِه الصِّفَات واستحالة ربوبية الْحَادِث بل زَاد فِي الْبَيَان على لِسَان رَسُوله حَتَّى أبان لنا أَنه أَعور وَأَنه مَكْتُوب بَين عَيْنَيْهِ كَافِر يقرأه من يكْتب وَمن لَا يكْتب فَلَو كَانَ يجوز عَلَيْهِ الاهمال لَكَانَ ذَلِك أَحَق مَا يهمل لقَوْله فِي الاحاديث الصَّحِيحَة مَا خَفِي عَلَيْكُم من شَيْء فَلَا يخفى عَلَيْكُم إِن ربكُم لَيْسَ بأعور لِأَنَّهُ قد تقرر أَنه لَيْسَ كمثله شَيْء عقلا وسمعا فَيجب أَن لَا يكون بشرا كَامِلا فَكيف يكون بشرا نَاقِصا معيبا فَدلَّ الحَدِيث على تَأْكِيد مَا دلّ الْقُرْآن عَلَيْهِ فِي الْآيَتَيْنِ المتقدمتين
الْوَجْه الثَّالِث قَوْله ﴿وَمَا كُنَّا معذبين حَتَّى نبعث رَسُولا﴾ ﴿لِئَلَّا يكون للنَّاس على الله حجَّة بعد الرُّسُل﴾ وَلَا معنى للارسال إِلَّا الْبَيَان وَإِلَّا لصَحَّ أَن يُرْسل الله تَعَالَى رَسُولا أبكم غير نَاطِق وَقد ورد الْقُرْآن بتقبيح ارسال الاعجمي إِلَى الْعَرَبِيّ لذَلِك فِي قَوْله تَعَالَى ﴿أأعجمي وعربي﴾ بل نَص الله تَعَالَى على أَنه أرسل كل رَسُول بِلِسَان قومه ليتم لَهُم الْبَيَان
وَقد أَجمعت الامة على أَنه لَا يجوز تَأْخِير الْبَيَان عَن وَقت الْحَاجة فَكل مَا لم يبين من العقائد فِي عصر النُّبُوَّة فَلَا حَاجَة إِلَى اعْتِقَاده وَلَا الْخَوْض فِيهِ والجدال وَالْمرَاد سَوَاء كَانَ إِلَى مَعْرفَته سَبِيل أَو لَا وَسَوَاء كَانَ حَقًا أَو لَا وخصوصا مَتى أدّى الْخَوْض فِيهِ إِلَى التَّفَرُّق الْمنْهِي عَنهُ فَيكون فِي إِيجَابه إِيجَاب مَا لم ينص على وُجُوبه وان أدّى إِلَى الْمَنْصُوص على تَحْرِيمه وَهَذَا عين الْفساد
قَالَت الْخُصُوم الْعقل يَكْفِي بَيَانا فِي العقليات فَلَا يجب الْبَيَان فِيهَا من الشَّرْع
1 / 105